وقال الحراليّ: أصل السبت القطع للعمل، ونحوه. انتهى، وفيه ردّ زعم
اليهود أنه ابتدأ في خلق العالم يوم الأحد، وفرغ يوم الجمعة، واستراح
السبت، قالوا: ونحن نستريح فيه، كما استراح الرب تعالى الله عما يقولون
علوّاً كبيراً، وهذا من جملة غباوتهم، وجهلهم؛ إذ التعب لا يتصور إلا على
حادث، {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]. (?)
(وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ) قال القاري: وهذا معنى قوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} [فصلت: 9 - 10].
(وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ)؛ أي: جنسه، (يَوْمَ الثُّلَاثاءِ)
بالمدّ، قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10]؛ أي:
في بقية الأربعة، قاله القاري (?).
قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: كذا جاء في كتاب مسلم، وكذا رواه الحاكم،
ورويناه في كتاب ثابت: "التِّقْن" مكان "المكروه"، وفسَّره بالأشياء التي يقوم
بها المعاش، ويقوم به صلاح الأشياء، كجواهر الأرض، وغير ذلك، وقال
غيره: التقن: المتقن، والأول الصواب. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "المكروه"؛ أي: ما يُكره مما يُهلك، أو يؤلم؛
كالسموم، والْخِشاش، والحيوانات المضرّة، وقد ذكر هذا الحديت ثابث في
كتابه، وقال فيه: "وخلق التِّقْن يوم الثلاثاء" بدل "المكروه". قال: والتِّقْن: ما
يقوم به المعاش، ويصلح به التدبير؛ كالحديد، وغيره من جواهر الأرض،
وكلُّ شي يحصل به صلاح فهو تِقْن، ومنه: إتقان الشيء وإحكامه. انتهى (?).
وقال المناويّ: وخَلْق المكروه يوم الثلاثاء لا ينافيه رواية مسلم: "وخلق
التقن"؛ أي: ما يقوم به المعاش يوم الثلاثاء؛ لأن كلّاً منهما خُلق فيه (?).