خيل صعدها، والمراد بالخيل هنا: الفُرسان؛ لأن الخيل يُطلق عليه، قال
الفيّوميّ رحمه الله: الخَيْلُ: معروفة، وهي مؤنثة، ولا واحد لها من لفظها، والجمع
خيول، قال بعضهم: وتُطلق الخَيْلُ على الْعِراب، وعلى الْبَرَاذين، وعلى
الْفُرسان، وسُمِّيت خَيْلًا؛ لاختيالها، وهو إعجابها بنفسها مَرَحًا، ومنه يقال:
اخْتَالَ الرجل، وبه خَيَلاءُ، وهو الكبر، والإعجاب. انتهى (?).
(ثُمَّ تَتَامَّ النَّاسُ) بتشديد الميم: تفاعل من التمام؛ أي: تتابعوا، وجاؤوا
كلهم، وتَمُّوا؛ والمعنى: صَعِدوا الثنية كلُّهم. (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَكُلُّكُمْ
مَغْفُورٌ لَهُ، إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ") قال القاضي عياض: قيل: هذا الرجل
هو الجدّ بن قيس المنافق (?)، وقال القاري: هو عبد الله بن أُبَيّ رئيس
المنافقين، فالاستثناء منقطع، نحو جاء القوم إلا حمارًا، قال جابر -رضي الله عنه-:
(فَأَتَيْنَاهُ)؛ أي: ذلك الرجل، (فَقُلْنَا لَهُ: تَعَالَ) إلى مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
(يَسْتَغْفِرْ لَكَ) بالجزم على جواب الأمر، (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) حتى يغفر لك، كما
وعد بذلك فقال عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64]. (فَقَالَ) الرجل غير
مكترث بذلك: (والله لأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي)؛ يعني: جمله الأحمر الذي كان ينشده،
والضالّة بالهاء: الحيوان الضائع، قال الفيّوميّ رحمه الله: قيل للحيوان الضائع:
ضالَّةٌ، بالهاء للذكر، والأنثى، والجمع الضَّوَالُّ، مئل دابةّ ودوابّ، ويقال لغير
الحيوان: ضائعٌ، ولُقَطةٌ، وضَلَّ البعير: غاب، وخفي موضعه، وأَضلَلْتُهُ
بالألف: فَقَدْته. انتهى (?).
(أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ)؛ يعني: النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا غاية
النفاق، وغاية الاستخفاف بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقد عبّر بقوله: "صاحبكم"؛ لأنه لا يراه
صاحبًا له، كفى به شقيًّا.
وقال القاري رحمه الله: وهذا كفر صريح منه، وقد أشار إليه قوله تعالى:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ