مسلسل بالتحديث، وأن فيه رواية صحابيّ عن صحابيّ، وأن أبا الطفيل آخر
من مات من الصحابة -رضي الله عنهم- على الإطلاق، كما أسلفته آنفًا.
شرح الحديث:
عن أبي الطُّفَيْلِ عامر بن واثلة -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ
الْعَقَبَةِ) اسمه وديعة بن ثابت، كما بُيّن في رواية الطبرانيّ في "الكبَير"، لكنه
جعل الكلام بينه وبين عمّار -رضي الله عنه-، ويمكن أن يتكرّر، والله تعالى أعلم.
قال النوويّ رحمه الله: هذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها
بيعة الأنصار -رضي الله عنهم-، وإنما هذه عَقبة على طريق تبوك، اجتمع المنافقون فيها
للغدر برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في غزوة تبوك، فعصمه الله تعالى منهم. انتهى (?).
وقال ابن الجوزيّ رحمه الله: هذا الحديث يُشكل على المبتدئين؛ لأن أهل
العقبة إذا أُطلقوا، فإنما يشار بهم إلى الأنصار المبايعين له -صلى الله عليه وسلم-، وليس هذا من
ذاك، وإنما هذه عَقبة في طريق تبوك، وقف فيها قوم من المنافقين؛ لِيَفتكوا
به -صلى الله عليه وسلم-، ثم أخرج بسنده عن أبي الطفيل قال: لَمّا أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة
تبوك، أمر مناديًا فنادى: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخذ العقبة، فلا يأخذها أحد،
فبينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوده حذيفة، ويسوقه عمار، إذ أقبل رهط متلثمون على
الرواحل، غَشُوا عمّارًا، وهو يسوق برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأقبل عمار يضرب وجوه
الرواحل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحذيفة: "قُدْ قُدْ"، حتى هبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
فلما هبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نزل، ورجع عمار، فقال: "يا عمار هل عرفت
القوم؟ " فقال: قد عرفت عامة الرواحل، والقوم متلثمون، قال: "هل تدري ما
أرادوا؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: "أرادوا أن يُنَفِّروا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
فيطرحوه ... " الحديث (?).
وقال الإمام أحمد رَ-إلملّهُ في "مسنده":
(23843) - حدثنا يزيد (?) أنا الوليد- يعني: ابن عبد الله بن جُميع- عن
أبي الطفيل، قال: لمّا أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أمر مناديًا، فنادى أن