بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة مرجعه من تبوك، حين أخذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع عمّار وحذيفة
طريق الثنيّة، والقوم بطن الوادي، فطمِع اثنا عشر رجلًا في المكر به -صلى الله عليه وسلم-،
فاتّبعوه ساترين وجوههم، غير أعينهم، فلما سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خشفة القوم من
ورائه أمر حذيفة أن يردّهم، فخوّفهم الله تعالى حين أبصروا حذيفة، فرجعوا
مسرعين على أعقابهم حتى خالطوا الناس، فأدرك حذيفة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال
لحذيفة: "هل عرفت أحدًا منهم؟ " قال: لا، فإنهم كانوا متلثّمين، ولكن أعرف
رواحلهم، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله أخبرني بأسمائهم، وأسماء آبائهم،
وسأخبرك بهم -إن شاء الله تعالى- عند الصباح"، فمن ثمّ كان الناس يراجعون
حذيفة في أمر المنافقين، قيل: أسرّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر هذه الفئة المشؤومة؛ لئلا
تهيج الفتنة من تشهيرهم، ذكره في "المبارق" (?).
وقوله: (وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا)؛ أي: يشمّونها، وهو كناية عن شدّة بُعدهم،
وعدم قربهم من الجنّة، فهم محرومون منها أبدًا.
وقوله: (سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ) وفي بعض النسخ: "سراج من نار"؛ أي:
التهاب من نار، وهو تفسير للدُّبيلة؛ يعني: أن دُمّلًا يظهر في أكتافهم، وفيه
حمرة، وحرارة كأنها سِراج من نار، وفي رواية للطبرانيّ: "شهاب من نار".
وقوله: (يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ) بفتح الهمزة: جمع كَتِفٍ، بفتح الكاف،
وكسر التاء، وبتسكينها مع فتح الكاف، وكسرها، وإنما جَمَعه نظرًا إلى
أفرادهم، وإلا فلكل إنسان كتفان، والكتفان هما: العظمان الناتئان في أعلى
الظهر، بينه وبين الرقبة؛ يعني: أن الدّبيلة سراج من نار؛ أي: دُمّل يظهر في
أكتافهم، وفيه حمرة وحرارة، كأنها سراج، وشُعلة من نار يدخل في جوفهم.
وقوله: (حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ) بضمّ الجيم، من باب نصر؛ أي: حتى
يطلع، ويخرج من صدروهم؛ يعني: يحدث في أكتافهم جراح تظهر حرارتها
من صدورهم، فتقتلهم، وهذا تفسير من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- للدُّبيلة، عبّر عنها بالسراج،
وهو شُعلة المصباح للمبالغة، قاله في "المبارق" (?).