كتف أحدهم، حتى يفضي إلى صدره، وستة يموتون موتًا، ذُكر لنا أن عمر بن
الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا مات رجل يُرَى أنه منهم نظر إلى حذيفة، فإن صلى عليه
صلى عليه، وإلا تركه، وذُكر لنا أن عمر قال لحذيفة: أنشدك الله أَمِنهم أنا؟
قال: لا، والله، ولا أُؤَمِّن منها أحدًا بعدك.
وأخرج عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- في قول الله: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ
مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} - إلى قوله- {عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة:
101] قال: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطيبًا يوم الجمعة، فقال: اخرج يا فلان، فإنك
منافق، اخرج يا فلان، فإنك منافق، فأخرج من المسجد ناسًا منهم فضحهم،
فلقيهم عمر، وهم يخرجون من المسجد، فاختبأ منهم حياءً أنه لم يشهد
الجمعة، وظن أن الناس قد انصرفوا، واختبأوا هم من عمر، ظنوا أنه قد عَلِم
بأمرهم، فجاء عمر، فدخل المسجد، فإذا الناس لم يصلّوا، فقال له رجل من
المسلمين: أبْشر يا عمر، فقد فضح الله المنافقين اليوم، فهذا العذاب الأول
حين أخرجهم من المسجد، والعذاب الثاني عذاب القبر. انتهى (?).
3 - (ومنها): أن فيه بيان أن الحروب التي جرت بين الصحابة -رضي الله عنهم- كانت
من الأمور الاجتهاديّة، فكان بعضهم فيها مصيبًا، وبعضهم مجتهدًا مخطئًا،
مغفورًا له خطؤه، وكان عليّ -رضي الله عنه- هو الإمام الحقّ.
4 - (ومنها): بيان ما كان عليه السلف في تتبّع الأمور، وسؤال الصحابة -رضي الله عنهم-
عن حقيقتها، حتى يتوصّلوا إلى الحقيقة، فيُعطوا كلّ ذي حقّ حقّه، ويعذروا،
ويستغفروا لمن أخطأ في اجتهاده، وهكذا ينبغي للمسلمين أن يسلكوا مسلكهم،
ولا يقعوا في بعض الصحابة -رضي الله عنهم- بأهوائهم، فيجرحوهم، فيقعوا في خطر عظيم،
فقد أخرج البخاريّ عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسبّوا
أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا، ما بلغ مدّ أحدهم، ولا نصيفه".
وأخرج مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسبّوا
أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد
ذهبًا، ما أدرك مدّ أحدهم، ولا نصيفه".