فرجعوا، واستقبلهم ناس من الصحابة، فأخبروهم، فقال بعضهم: نافقوا،

وقال بعضهم: لا، فنزلت.

وأخرجه ابن أبي حاتم، من وجه آخر، عن أبي سلمة مرسلًا، فإن كان

محفوظًا احْتَمَل أن تكون نزلت في الأمرين جميعًا (?).

({فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}) "ما" استفهاميّة مبتدأ، والاستفهام فيه

للإنكار، و {فِي الْمُنَافِقِينَ} خبر المبتدأ، والمعنى: أي: شيء كائن لكم في

أمرهم، وشأنهم، حال كونكم {فِئَتَيْنِ} في ذلك.

وحاصله: الإنكار على المخاطبين أن يكون لهم شيء يوجب اختلافهم

في شأن المنافقين.

وقد اختلف النحويون في انتصاب {فِئَتَيْنِ}، فقال الأخفش،

والبصريون: على الحال؛ كقولك: ما لك قائمًا؟ ، وقال الكوفيون: انتصابه على

أنه خبر لـ "كان"، وهي مضمرة، والتقدير: فما لكم في المنافقين كنتم فئتين؟

وقوله عز وجل: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ} [النساء: 88] معناه: ردّهم إلى الكفر {بِمَا

كَسَبُوا}، وحكى الفراء، والنضر بن شميل، والكسائيّ: أركسهم، وركسهم؛

أي: ردّهم إلى الكفر، ونكسهم، فالركس والنكس: قَلْب الشيء على رأسه، أو

ردّ أوله إلى آخره، والمنكوس المركوس، وفي قراءة عبد الله بن مسعود،

وأبيّ: "والله ركسهم".

والباء في قوله: {بِمَا} سببية؛ أي: أركسهم بسبب كسبهم، وهو لحوقهم

بدار الكفر (?).

وقال أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: يعني جل ثناؤه بقوله: {فَمَا لَكُمْ فِي

الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}، فما شأنكم، أيها المؤمنون، في أهل النفاق فئتين مختلفتين؟

{وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}؛ يعني بذلك: والله رَدّهم إلى أحكام أهل الشرك،

في إباحة دمائهم، وسَبْي ذراريهم. و"الإركاس": الردُّ، ومنه قول أمية بن أبي

الصلت [من الطويل]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015