عن الاستغفار، قرأ الجمهور: {لَوْ} [المنافقون: 5]، بالتشديد، وقرأ نافع

بالتخفيف، واختار القراءة الأولى أبو عبيد، {وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ} [المنافقون: 5]؛

أي: يُعرِضون عن قول من قال لهم: تعالوا يستغفر لكم رسول الله، أو

يُعرضون عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجملة: {وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون: 5] في محل

نَصْب على الحال من فاعل الحال الأُولي، وهي {يَصُدُّونَ} [المنافقون: 5]؛

لأذ، الرؤية بصرية، فـ {يَصُدُّونَ} [المنافقون: 5]، في محل نصب على الحال،

والمعنى: ورأيتهم صادّين مستكبرين. انتهى (?).

(وقوله: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}، وَقَالَ) زيد بن أرقم مفسّرًا: (كَانُوا)؛

أي: المنافقون، (رِجَالًا أَجْمَلَ شَيْءٍ) الظاهر أن قول زيد هذا تفسير لقوله:

{كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}، لكن قال في "الفتح": إنه تفسير لقوله:

{تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [المنافقون: 4]، ونصّه: قوله: "خشب مسندة، قال: كانوا رجالًا

أجمل شيء" هذا تفسير لقوله: "تعجبك أجسامهم"، و"خشب مسندة" تمثيل

لأجسامهم، ووقع هذا في نفس الحديث، وليس مدرجًا، فقد أخرجه أبو نعيم

من وجه آخر عن عمرو بن خالد، شيخ البخاري فيه، بهذه الزيادة، وكذا

أخرجه الإسماعيليّ من وجه آخر عن زهير.

[تنبيه]: قرأ الجمهور {خُشُبٌ} بضمتين، وأبو عمرو، والأعمش،

والكسائيّ بإسكان الشين. انتهى (?).

قال الإمام ابن جرير الطبريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "تفسيره": يقول جلّ ذِكره لنبيّه

محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وإذا رأيت هؤلاء المنافقين يا محمد تُعجبك أجسامهم؛ لاستواء

خَلْقها، وحُسن صورها، وإن يقولوا تَسْمع لقولهم، يقول جل ثناؤه: وإن

يتَكلموا تَسْمع كلامهم، يُشبه منطقهم منطق الناس، كأنهم خشب مسندة،

يقول: كأن هؤلاء المنافقين خشب مسندة، لا خير عندهم، ولا فقه لهم، ولا

علم، وإنما هم صُوَر بلا أحلام، وأشباح بلا عقول.

وقوله: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون: 4]، يقول جل ثناؤه: يحسب

هؤلاء المنافقون من خُبثهم، وسوء ظنهم، وقلة يقينهم، كلّ صيحة عليهم؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015