مِنْكُمْ} [النور: 11]، فلما أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر
الصديق - رضي الله عنه -، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه: والله لا أنفق على
مسطح شيئًا أبدًا بعد ما قال لعائشة، فأنزل الله تعالي: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ
مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} - إلى قوله -: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
[النور: 22]، فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح
الذي كان يُجري عليه، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسأل زينب بنت جحش عن
أمري، فقال: "يا زينب ما علمت؟ ، ما رأيت؟ " فقالت: يا رسول الله أحمي
سمعي، وبصري، والله ما علمت عليها إلَّا خيرًا، قالت: وهي التي كانت
تساميني، فعصمها الله بالورع. انتهى (?).
وأما رواية صالح بن كيسان عن الزهريّ، فقد ساقها البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا
في "صحيحه"، فقال:
(3910) - حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عبد الله، حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن
صالح، عن ابن شهاب، قال: حدّثني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيّب،
وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة - رضي الله عنها -
زوج النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، وكلّهم حدّثني طائفة من
حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض، وأثبت له اقتصاصًا، وقد
وعيت عن كلّ رجل منهم الحديث الذي حدّثني عن عائشة، وبعض حديثهم
يصدّق بعضًا، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض، قالوا: قالت عائشة: كان
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد سفرًا أقرع بين أزواجه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها
سهمي، فخرجت مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعدما أُنزل الحجاب، فكنت أُحمل في
هودجي، وأُنزل فيه، فَسِرْنا، حتى إذا فرغ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غزوته تلك،
وقفل، ودنونا من المدينة قافلين، آذن ليلةً بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل،
فمشيت، حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني، أقبلت إلى رحلي، فلمست
صدري، فإذا عِقد لي من جَزْع ظَفَارِ، قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي،