وكانت سنة ست، فيما ذَكر ابن إسحاق، وسعد بن معاذ مات من الرَّمْية التي

رُميها بالخندق، فدعا الله، فأبقاه حتى حَكَم في بني قريظة، ثم انفجر جُرحه،

فمات منها، وكان ذلك سنة أربع عند الجميع، إلَّا ما زعم الواقديّ أن ذلك

كان سنة خمس، قال: وعلى كلّ تقدير، فلا يصح ذكر سعد بن معاذ في هذه

القصة، والأشبه أنه غيره، ولهذا لَمْ يذكره ابن إسحاق في روايته، وجعل

المراجعة أولًا وثانيًا بين أُسيد بن حُضير، وبين سعد بن عبادة، قال: وقال لي

بعض شيوخنا: يصح أن يكون سعد موجودًا في المريسيع، بناءً على الاختلاف

في تاريخ غزوة المريسيع، وقد حَكَى البخاريّ عن موسى بن عقبة، أنَّها كانت

سنة أربع، وكذلك الخندق كانت سنة أربع، فيصح أن تكون المريسيع قبلها؛

لأنَّ ابن إسحاق جزم بأن المريسيع كانت في شعبان، وأن الخندق كانت في

شوال، فإن كانا من سنة واحدة استقام أن تكون المريسيع قبل الخندق، فلا

يمتنع أن يشهدها سعد بن معاذ. انتهى.

قال الحافظ: وقد قدَّمنا في المغازي أن الصحيح في النقل عن موسى بن

عقبة أن المريسيع كانت سنة خمس، وأن الذي نقله عنه البخاريّ من أنَّها سنة

أربع سَبْق قَلَم، نعم والراجح أن الخندق أيضًا كانت في سنة خمس، خلافًا

لابن إسحاق، فيصح الجواب المذكور.

وممن جزم بأن المريسيع سنة خمس الطبريّ، لكن يعكر على هذا شيء

لَمْ يتعرضوا له أصلًا، وذلك أن ابن عمر ذ) أنه كان معهم في غزوة بني

المصطلِق، وهو المريسيع، وثبت في "الصحيحين" أيضًا أنه عُرض في يوم أحد

فلم يُجِزه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعُرض في الخندق فأجازه، فإذا كان أول مشاهده

الخندق، وقد ثبت أنة شهد المريسيع لزم أن تكون المريسيع بعد الخندق،

فيعود الإشكال.

ويمكن الجواب بأنه لا يلزم من كون ابن عمر كان معهم في غزوة بني

المصطلِق، أن يكون أُجيز في القتال، فقد يكون صحب أباه، ولم يباشر

القتال، كما ثبت عن جابر أنه كان يمنح الماء لأصحابه يوم بدر، وهو لَمْ

يشهد بدرًا باتفاق.

وقد سلك البيهقيّ في أصل الإشكال جوابًا آخر؛ بناء على أنَّ الخندق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015