فقدت: يا رسول الله، إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أُحَدِّث

إلا صدقًا ما بَقِيت، فوالله ما أعلم أحدًا من المسلمين، أبلاه الله في صدق

الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول الله -صلي الله عليه وسلم- أحسن مما أبلاني، ما تعمّدت منذ

ذكرت ذلك لرسول الله -صلي الله عليه وسلم- إلى يومي هذا كذبًا، وإني لأرجو أن يحفظني الله

فيما بقيت، وأنزل الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ

وَالْأَنْصَارِ} -إلى قوله-: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، فوالله ما أنعم الله عليّ من

نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله -صلي الله عليه وسلم- أن

لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله قال للذين كذبوا حين

أنزل الوحي شرّ ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا

انْقَلَبْتُمْ} -إلى قوله-: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95،

96]، قال كعب: وكُنّا تَخَلَّفْنا أيها الثلاثةُ عن أمر أولئك الذين قَبِل منهم

رسول الله -صلي الله عليه وسلم- حين حلفوا له، فبايعهم، واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله -صلي الله عليه وسلم-

أمرنا، حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}، وليس

الذي ذكر الله مما خُلّفنا عن الغزو، إنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا عمن

حلف له، واعتذر إليه، فقبل منه. انتهى (?).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[6992] ( ... ) - وَحَدَّثَنِي عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ

سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمّهِ مُحَمَّدِ بْنِ

مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ

عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ

مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- فِي غَزْوةِ تَبُوكَ، وَسَاقَ

الْحَدِيثَ، وَزَادَ فِيهِ عَلَى يُونُسَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى

بِغَيرهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ. وَلَمْ يَذْكرْ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ أَبَا

خَيْثَمَةَ، وَلُحُوقَهُ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015