رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-: "أمّا هَذَا)؛ أي: كعب بن مالك، (فَقَدْ صَدَقَ)؛ أي: وأما غيره
من المنافقين الذين اعتذروا، وطلبوا الاستغفار لهم، فقد كذبوا، (فَقُمْ) من هذا
المجلس (حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فيكَ")؛ أي: حتى يُنزل الله في قبول توبتك. (فَقُمْتُ)
زاد النسائيّ: "فمضيت"، (وَثَارَ)؛ أي: وثَب (رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ) بكسر
اللام، وهم قومه، (فَاتَّبَعُونِي) بوصل الهمزة، وتشديد التاء، (فَقَالُوا لِي: والله
مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا) التخلّف من غزوة تبوك، (لَقَدْ عَجَزْتَ) بفتح
الجيم، من باب ضرب، وفي لُغة ضعيفة، من باب تَعِب أيضًا، قال
الفيوميّ -رحمه الله-: عَجَزَ عن الشيء عَجْزًا، من باب ضرب، ومَعْجَزَةٌ بالهاء،
وحَذْفها، ومع كلّ وجه فتح الجيم، وكسرها: ضَعُف عنه، وعَجِزَ عَجَزًا، من
باب تَعِبَ لغة لبعض قَيْس عَيْلان، ذكرها أبو زيد، وهذه اللغة غير معروفة
عندهم، وقد رَوَى ابن فارس بسنده إلى أن ابن الأعرابيّ أنه لا يقال: عَجِز
الإنسان، بالكسر، إلا إذا عَظُمت عَجِيزَتُهُ. انتهى (?).
(فِي أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ)؛ أي: لقد صرت عاجزًا في عدم اعتذارك،
وقول بعض الشرّاح: "في" بمعنى "عن"، و"لا" زائدة، أي: لقد عجزت عن أن
تكون معتذرًا إلخ، مما لا يخفى بُعده، فلا حاجة إلى دعوى الزيادة، لأن
المعنى بدون ذلك صحيح، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- بِمَا)، أي: بمثل الاعتذار الذي (اعْتَذَرَ بِهِ إِلَيْهِ
الْمُخَلَّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ) بالنصب خبرًا مقدّمًا لـ"كان"، وقوله: (ذَنْبَكَ)
مفعول به لـ "كافيك"، وقوله: (اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- لَكَ) تنازعاه "كان"،
و"كافيك"، فـ "كان" تطلبه اسمًا لها مؤخّرًا، و"كافيك" يطلبه فاعلًا.
وقال في "الفتح": قوله: "كافيك ذنبك" بالنصب على نزع الخافض، أو
علي المفعولية أيضًا، و"استغفار" بالرفع على أنه الفاعل. انتهى، والإعراب
الأول أَولى، فتنبّه.
وعند ابن عائذ: "فقال كعب: ما كنت لأجمع أمرين: أتخلف عن
رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، وأكذبه، فقالوا: إنك شاعر جريء، فقال: أما على الكذب