دخلوا بلاد الروم، فاستوطنوها، فاختلطت أنسابهم، قاله في "التاج" (?).
(وَنَصَارَى الْعَرَبِ بِالشَّامِ) بهمزة ساكنة، ويجوز تخفيفها، والنسبة إليها
شأميّ على الأصل، ويجوز شآم بالمدّ من غير ياء، مثلُ يمنيّ، ويمانٍ، قاله
الفيّوميّ (?).
وقال في "القاموس" و"شرحه": الشأم بلاد عن مشأمة القبلة، وقد سُمّيت
لذلك؛ أي: لأنها عن مشأمة القبلة، أو لأن قومًا من بني كنعان تشاءموا إليها؛
أي: تياسووا، أو سُمِّي بِسام بن نوح، فإنه بالشين المعجمة بالسريانية، ثم لمّا
أعربوه أعجموا الشين، وهذا الوجه قد أنكره كثير من محققي أئمة التواريخ،
وقالوا: لم ينزلها سام قط، ولا رآها فضلًا عن كونه بناها، أو لأن أرضها
شامات: بِيضٌ، وحُمْرٌ، وسُود، وقد بَحثوا في هذا الوجه أيضًا، وصوّبوا
الأول، واقتصروا عليه، وعلى هذا لا تهمز؛ لأنه معتلّ واويّ، وكذلك على
الوجه الذي قبله، وينافيه أنهم لا ينطقون به إلا مهموزًا، مؤنثةٌ، وقد تُذَكَّرُ.
انتهى (?).
[تنبيه]: كان سبب غزوة تبوك ما ذكره ابن سعد، وشيخه، وغيرهما،
قالوا: بلغ المسلمين من الأنباط الذين يَقْدَمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن
الروم جَمَعت جموعًا، وأجلبت معهم لخم، وجذام، وغيرهم من متنصرة
العرب، وجاءت مقدّمتهم إلى البلقاء، فندب النبيّ -صلي الله عليه وسلم- الناس إلى الخروج،
وأعلمهم بجهة غزوهم، ورَوَى الطبرانيّ من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال:
كانت نصارى العرب كتبت إلى هرقل أن هذا الرجل الذي خرج يدّعي النبوّة
هلك، وأصابتهم سنون، فهلكت أموالهم، فبعث رجلًا من عظمائهم، يقال له:
قباذ، وجهّز معه أربعين ألفًا، فبلغ النبيّ -صلي الله عليه وسلم- ذلك، ولم يكن للناس قوّة، وكان
عثمان قد جهّز عِيرًا إلى الشام، فقال: يا رسول الله هذه مائتا بعير بأقتابها،
وأحلاسها، ومائتا أوقية، قال: فسمعته يقول: "لا يضرّ عثمان ما عَمِل
بعدها"، وأخرجه الترمذيّ، والحاكم، من حديث عبد الرحمن بن حبان نحوه.