عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن عمه عُبيد الله بالتصغير (?)، ووقع
عند ابن جرير من طريق يونس، عن الزهريّ في أول الحديث بغير إسناد: "قال
الزهريّ: غزا رسول الله -صلي الله عليه وسلم- غزوة تبوك، وهو يريد نصارى العرب، والروم
بالشام، حتى إذا بلغ تبوك، أقام بضع عشرة ليلة، ولقيه بها وَفْد أذرح، ووَفْد
أيلة، فصالحهم رسول الله -صلي الله عليه وسلم- على الجزية، ثم قَفَل من تبوك، ولم يجاوزها،
وأنزل الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي
سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} الآية [التوبة: 117]، والثلاثة الذين خُلِّفوا رهطٌ من الأنصار،
في بضعة وثمانين رجلًا، فلما رجع صَدَقَهُ أولئك، واعترفوا بذنوبهم، وكًذَبَ
سائرهم، فحلفوا ما حبسهم إلا العذر، فقَبِل ذلك منهم، ونهى عن كلام الذين
خُلِّفوا، قال الزهريّ: وأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب .. "، فساق
الحديث بطوله. انتهى (?).
قال الجامع عفا النه عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن قوله في رواية مسلم هنا: "قال
ابن شهاب: ثم غزا رسول الله -صلي الله عليه وسلم-" إلى قوله: "قال ابن شهاب" مرسل، وليس
موصولًا بالسند المذكور، كما ظنّه بعض الشرّاح (?)، فتنبّه، وبالله تعالى التوفيق.
[تنبيه]: قال الرشيد العطّار -رحمه الله- في "غُرره" ما ملخّصه: هذا الحديث قد
أخرجه البخاريّ، ولم يورد ما فيه من مرسل ابن شهاب، ولا يخفى على من له
أُنس بعلم الرواية أن مسلمًا -رحمه الله- إنما احتجّ بما في هذه الأحاديث، وما
شاكَلها بالمسنَد، دون المرسل، وإنما أوردها بما فيها من المرسل جريًا على
عادته في ترك الاختصار، والله -عز وجل- أعلم. انتهى (?).
(غَزْوَةَ تَبُوكَ) بفتح المثنّاة، بعدها موحّدة، ثم واو، ثم كاف: مكان
معروف، وهو نصف طريق المدينة إلى دمشق، وهو من المدن المشهورة اليوم
في المملكة العربيّة السعوديّة في أقصى شمالها.