إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ، قَالَ: فَوالله مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللهُ فِي
صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- إِلَى يَوْمِي هَذَا، أَحْسَنَ مِمَّا
أَبْلَانِي اللهُ بِهِ، والله مَا تَعَمَّدْتُ كَذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- إِلَى يَوْمِي
هَذَا، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِيَ اللهُ فِيمَا بَقِيَ. قَالَ: فَانزَلَ اللهُ -عز وجل-: {لَقَدْ تَابَ
اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ
يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ
الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} وحَتَّى
بَلَغَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)}.
قَالَ كَعْبٌ: والله مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَئ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْد إِذْ هَدَانِي اللهُ لِلِإسْلَامِ
أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ لَا أَكَونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كمَا هَلَكَ
الَّذِينَ كَذَبُوا، إِنَّ اللهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ،
وَقَالَ اللهُ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ
رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ
فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)} [التوبة: 95 - 96].
قَالَ كَعْبٌ: كنَّا خلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-
حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللهُ
فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ -عز وجل-: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]، وَلَيْسَ الَّذِي
ذَكَرَ اللهُ مِمَّا خُلِّفْنَا تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا، وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ
حَلَفَ لَهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحِ مَوْلَى بَني
أُمَيَّةَ) المصريّ، ثقةٌ [10] (ت 250) (م د س ت) تقدم في "المقدمة" 3/ 10.
2 - (ابْنُ وَهْب) هو: عبد الله بن وهب المصريّ الحافظ، ثقةٌ عابد [9]
(ت 197) (ع) تقدمً في "المقدمة" 3/ 10.
3 - (يُونُسُ) بن يزيد الأيليّ، ثقةٌ من كبار [7] (ت 159) (ع) تقدم في
"المقدمة" 3/ 14.