يُغفر لهم، فضمير المؤنّث في "يضعها" راجع إلى جنس الذنوب، لا إلى
آحادها التي ارتكبها المسلمون، قاله في "التكملة" أيضًا (?)، وهو تحقيق حسن.
وقوله: (فِيمَا أَحْسِبُ أَنَا) يَحتَمِل أن يكون هذا الشكّ من الراسبيّ، أو
من غيلان، ومعناه: أنه شكّ هل قال شيخه: "ويضعها على اليهود والنصارى"
أم لا؟ .
وقوله: (قَالَ أَبُو رَوْحٍ: لَا أَدْرِي مِمَّنِ الشَّكُّ؟ ) أبو روح هو حرميّ بن
عمارة؛ يعني: أنه شكّ في قول مَن هذا الشكّ؛ يعنى: قوله: "فيما أحسب
أنا"، هل هو من الراسبيّ، أو من غيلان؟
[تنبيه]: قد تكلّم البيهقيّ -رحمه الله- في أحاديث الباب، وجَمَع بينها جمعًا
حسنًا، أحببت إيراده هنا ملخّصًا؛ لنفاسته، وأهميّته، فقال في كتابه الممتع
"شُعب الإيمان":
[فصل في فداء المؤمن]
ثم أخرج بسنده عن طلحة بن يحيى، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن
أبيه، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم القيامة دُفع إلى كل مؤمن رجل
من أهل الملل، فقيل له: هذا فداؤك من النار"، ثم أخرج قصّة استحلاف
عمر بن عبد العزيز لأبي بردة.
ثم قال: وروينا في الحديث الثابت عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "لا يدخل أحد الجنة، إلا أُري مقعده من
النار، لو أساء؛ ليزداد شكرًا، ولا يدخل النار أحد، إلا أري مقعده من الجنة،
لو أحسن؛ ليكون عليه حسرةً"، ثم قال: رواه البخاريّ -رحمه الله- في "الصحيح".
قال: وفي رواية أخرى: "ما منكم من رجل إلا له منزلان: منزل في
الجنة، ومنزل في النار، فإن مات ودخل النار، ورث أهل الجنة منزله، قال:
فذلك قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)} [المؤمنون: 10] ".
قال البيهقيّ -رحمه الله-: ويشبه أن يكون هذا الحديث تفسيرًا لحديث الفداء،
والكافر إذا أورث على المؤمن مقعده من الجنة، والمؤمن إذا أورث على