وقال النوويّ: قوله: "نأى بصدره"؛ أي: نهض، ويجوز تقديم الألف
على الهمزة، وعكسه، وسبق في حديث أصحاب الغار. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: "نأى بصدره"؛ أي: نهض به مع ثِقَل ما أصابه من
الموت، وذلك دليل على صحة توبته، وصِدق رغبته. انتهى (?).
ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "فناء"، قال في "الفتح": قوله: "فناء"
بنون، ومدّ؛ أي: بَعُد، أو المعنى: مالَ، أو نهض مع تثاقُل، فعلى هذا
فالمعنى: فمال إلى الأرض التي طلبها، هذا هو المعروف في هذا الحديث،
وحَكَى بعضهم فيه: "فنأى" بغير مدّ قبل الهمز، وبإشباعها، بوزن سَعَى، تقول:
نَأَى يَنْأَى نَأْيًا؛ أي: بَعُد، وعلى هذا فالمعنى: فبَعُد عن الأرض التي خرج منها.
قال: ووقع في رواية هشام عن قتادة ما يُشعر بأن قوله: "فَنَاءَ بصدره"
إدراج، فإنه قال في آخر الحديث: "قال قتادة ة قال الحسن: ذُكِر لنا أنه لمّا
أتاه الموت ناء بصدره". انتهى، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [8/ 6982 و 6983 و 6984] (2766)،
و(البخاريّ) في "أحاديث الأنبياء" (3470)، و (ابن ماجه) في "الديات"
(2622)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/ 63)، و (أحمد) في "مسنده" (3/
0 2 و 72)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (611 و 615)، و (أبو يعلى) في
"مسنده" (2/ 508)، و (اللالكائيّ) في "اعتقاد أهل السُّنَّة" (6/ 1056)، و (أبو
نعيم) في "الحلية" (3/ 102)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (8/ 17) وفي "شُعب
الإيمان " (5/ 397)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان مشروعية التوبة من جميع الكبائر، حتى مِنْ قَتْلِ