والباقون كلّهم تقدّموا قبل أربعة أبواب، وإسحاق هو ابن راهويه،
و"جرير" هو ابن عبد الحميد.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنَّه من خماسيّات المصنّف - رحمه الله -، وأنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه
إسحاق، فمروزيّ، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ مخضرم، وفيه عبد الله مهملًا،
هو ابن مسعود - رضي الله عنه - ذو المناقب الجمّة.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه -؛ أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ أَحَدٌ
أَحَبَّ إِلَيْهِ) أفعل التفضيل بمعنى المفعول، وقوله: (الْمَدْحُ) بالرفع فاعله،
(مِنَ اللهِ) وحبّ الله المدح ليس من جنس ما يُعقل من حب المدح، وإنما الرب
أحب الطاعات، ومن جملتها مَدْحه؛ ليثيب على ذلك، فينتفع المكلّف، لا
لينتفع هو بالمدح، ونحن نحب المدح لننتفع، ويرتفع قدرنا في قومنا، فظهر
من غلط العامة قولهم: إذا أحب الله المدح، فكيف لا نحبه نحن، فافهم، قاله
في "العمدة" (?).
(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ)؛ أي: ولأجل حبه المدح (مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ
مِنَ اللهِ) "أغير" أفعل تفضيل من الغَيْرة - بفتح الغين - وهي الأَنَفَة، والْحَمِيّة،
قال النحّاس: هو أن يحمي الرجل زوجته وغيرها، من قرابته، ويمنع أن يدخل
عليهنّ، أو يراهن غير ذي محرم، والغيور ضدّ الدَّيّوث، والقندع، بضم الدال،
وفتحها: الدّيّوث، وفي "الموعب" لابن التيانيّ: رجل غيران، من قوم غيارى،
وغيارى بفتح الغين، وضمها، وقال ابن سِيده: غار الرجل غَيرة، وغَيْرًا،
وغارًا، وغيارًا، وحكى البكريّ عن أبي جعفر البصريّ: غِيرة بكسر الغين،
والْمِغيار: الشديد المغيرة، وفلان لا يتغير على أهله؛ أي: لا يغار، وقال
الزمخشريّ: أغار الرجل امرأته: إذا حملها على المغيرة، يقال: رجل غيور،
وامرأة غيور، هذا في حقّ الآدميين، وأما في حقّ الله، فقد جاء مُفَسّرا في