وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: لفظ العباد عامّ، ومعناه خاصّ

يالمؤمنين، وهو كقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}

[الأعراف: 156]، فهي عامة من جهة الصلاحية، وخاصة بمن كُتبت له،

ثم ذكر ابن أبي جمرة احتمال تعميمه حتى في الحيوانات، ورجحه العينيّ،

حيث قال: والظاهر أنَّها على العموم لمن سبق له منها نصيب من أيّ العباد

كان، حتى الحيوانات على ما ورد في حديث أبي هريرة: "وأنزل في الأرض

جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق". انتهى من "الفتح" بزيادة من

"المرعاة" (?)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلَّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - هذا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [4/ 6953] (2754)، و (البخاريّ) في "الأدب"

(5999)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط" (3/ 323) و"الصغير" (1/ 173)،

و(البزّار) في "مسنده" (1/ 412)، و (أبو نعيم) في "الحلية" (3/ 228)،

و(البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (5/ 422 و 7/ 467)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان شدّة رحمة الله تعالي، ورأفته بعباده.

2 - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أنه ينبغي للمرء أن يجعل تعلقه في جميع

أموره بالله تعالى وحده، وأن كُلّ من فُرض أن فيه رحمة ما يُقصد لأجلها،

فالله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أرحم منه، فليقصد العاقل لحاجته من هو أشد له رحمة.

3 - (ومنها): أن فيه ضربَ المثل بما يُدرَك بالحواش لِمَا لا يُدرك بها؛

لتحصيل معرفة الشيء على وجهه، وإن كان الذي ضُرب له المثل لا يحاط

بحقيقته؛ لأنَّ رحمة الله لا تُدرك بالعقل، ومع ذلك فقرَّبها النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للسامعين

بحال المرأة المذكورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015