(4) - (بَابٌ فِي بَيَانِ سَعَةِ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَي، وَأَنَّهَا سَبَقَتْ غَضَبَهُ)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أَوَّلَ الكتاب قال:

[6944] (2751) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَة - يَعْنِي:

الْحِزَامِيَّ - عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَمَا

خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ

غَضَبِي").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

وكلّهم ذُكروا في الباب وقبل بابين.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من خماسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وأنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه،

فبغلانيّ، وقد دخل المدينة، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وأنه مما قيل فيه: إنه

أصحّ أسانيد أبي هريرة - رضي الله عنه -.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ) وفي

الرواية الثالثة: "لمّا قضى الله الخلق"، ولا تنافي بين هذا وبين رواية ابن ماجة

بلفظ: "قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ"؛ لإمكان حمل قوله: "لما خلق"، و"لَمّا قضى"؛

أي: أراد أن يخلق، أو أن يقضي، فهو قبل الخلق، والله تعالى أعلم.

(كَتَبَ)؛ أي: كتابة حقيقيّة، لا مجازيّة، ودليل هذا رواية الترمذيّ وابن

ماجة بلفظ: "كتب ربكم على نفسه بيده ... " الحديث، فإنه ظاهر في أنه

كَتَبه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بيده، كما صحّ أنه كَتَب التوراة لموسى بيده، وقد قدّمنا غير مرّة أن

الحقّ أن لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يدًا كما أثبتها لنفسه في كتابه، وأثبتها له النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في

الأحاديث الصحاح، كهذا الحديث وغيره، أما ما ذكره في "الفتح" في "كتاب

بدء الخلق"، وفي "كتاب التوحيد" في شرح هذا الحديث من التأويلات الزائفة

المخالفة لطريق السلف فمما يجب الحذر عنه، ولولا مخافة التطويل لأوردته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015