أحمد: سمعت أبي يقول: ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق، ولا أحفظ من
أبي زرعة، وقال الحسن بن أحمد بن الليث: سمعت أحمد يدعو الله لأبي
زرعة، وقال فضلك الرازيّ عن أبي مصعب: ما رأيت مثله بعيني، وقال فضلك
أيضًا عن الربيع: أن أبا زرعة آيةٌ، وقال عبد الواحد بن غياث: ما رأى أبو
زرعة مثل نفسه، قال ابن وارة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كل حديث لا
يعرفه أبو زرعة ليس له أصل، وقال أبو حاتم: رأيت في كتاب إسحاق بخطه
إلى أبي زرعة: إني أزداد بك كل يوم سرورًا، وقال البرذعيّ: سمعت محمد بن
يحيى يقول: لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زرعة، وقال
صالح بن محمد عن أبي زرعة: أنا أحفظ عشرة آلاف حديث في القراءات،
وقال أيضًا: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن إبراهيم بن موسى الرازيّ مائة
ألف حديث، وعن أبي بكر بن أبي شيبة مائة ألف حديث، قال: فقلت له:
بلغني أنك تحفظ مائة ألف حديث، تَقدِر أن تملي عليّ ألف حديث من
حفظك؟ قال: لا، ولكن إذا أُلقي عليّ عرفت، وقال أبو يعلى الموصليّ: ما
سمعنا يُذكر أحدٌ في الحفظ إلا كان اسمه أكبر من رؤيته، إلا أبو زرعة، فإن
مشاهدته كانت أعظم من اسمه، وقال أبو جعفر التستريّ: سمعت أبا زرعة
يقول: ما سَمِع أذني شيئًا من العلم إلا وعاه قلبي، وإن كنت لأمشي في سوق
بغداد، فأسمع من الغُرف صوت المغنيات، فأضع إصبعي في أذني مخافة أن
يعيه قلبي، وقال أبو حاتم: حدّثني أبو زرعة، وما خَلَّف بعده مثله علمًا وفقهًا
وفهمًا وصيانةً وصدقًا ولا أعلم في المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن
مثله، قال: وإذا رأيت الرازي يتنقص أبا زرعة، فاعلم أنه مبتدع، وروى
البيهقيّ عن ابن وارة قال: كنا عند إسحاق بنيسابور، فقال رجل: سمعت
أحمد يقول: صحّ من الحديث سبعمائة ألف حديث وكَسْر، وهذا الفتى- يعني:
أبا زرعة -قد حفظ ستمائة ألف حديث، وقال البيهقيّ: وإنما أراد: ما صحّ
من حديث رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، وأقاويل الصحابة، وفتاوى من أُخذ عنهم من
التابعين، وقال محمد بن جعفر بن حمكويه: قال أبو زرعة: أحفظ مائة ألف
حديث كما يحفظ الإنسان {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، وقال أبو جعفر التستريّ:
سمعت أبا زرعة يقول: إن في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة، ولم أُطالعه منذ