ووقع عند مسلم من حديث أبي هريرة الآتي بعد هذا: "أن فاطمة أتت

النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادمًا، وشَكَت العمل، فقال: ما ألْفَيته عندنا"، وهو بالفاء؛

أي: ما وجدته، ويُحْمَل على أن المراد: ما وجدته عندنا فاضلًا عن حاجتنا

إليه؛ لِمَا ذَكَر من إنفاق أثمان السبي على أهل الصُّفّة، ففي رواية السائب:

"فأتيناه جميعًا، فقلت: بأبي يا رسول الله، والله لقد سَنَوت حتى اشتكيت

صدري، وقالت فاطمة: لقد طحنت حتى مَجَلت يداي، وقد جاءك الله بسَبْي

وسَعة، فأخْدِمنا، فقال: والله لا أعطيكما، وأدَعُ أهل الصفة تُطْوَى بطونهم، لا

أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم، وأنفق عليهم أثمانهم" (?).

قال عليّ - رضي الله عنه -: (فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْنَا)؛ أي: إلى عليّ وفاطمة - رضي الله عنهما -،

(وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا) جملة حاليّة؛ أي: والحال أننا قد أخذنا في أسباب

النوم، وتهيّأنا له، ووقع في رواية عَبيدة بن عمرو، عن عليّ - رضي الله عنه - عند ابن

حبان من الزيادة: "فأتانا، وعلينا قطيفة، إذا لَبِسناها طولاً خرجت منها جنوبنا،

وإذا لبسناها عرضًا خرجت منها رؤوسنا وأقدامنا"، وفي رواية السائب:

"فرجعا، فأتاهما النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد دخلا في قطيفة لهما، إذا غَطَّيا رءوسهما،

تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما، تكشفت رؤوسهما".

(فَذَهَبْنَا)؛ أي: شَرَعنا (نَقُومُ) تعظيماً للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية البخاريّ:

"فذهبت أقوم"، وفي رواية: "فذهبنا لنقوم"، وفي رواية: "فقاما".

(فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَى مَكَانِكُمَا")؛ أي: استَمِرّا على ما أنتما عليه، وفي

رواية: "مكانَكما"، وهو منصوب على الإغراء؛ أي: الزما مكانكما. (فَقَعَدَ

بَيْنَنَا) ولفظ البخاريّ: "فجلس بيننا"، وفي رواية: "فقعد بيني وبينها"، وفي

رواية عند النسائيّ: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وضع قدمه بيني وبين فاطمة".

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "على مكانكما"؛ أي: اثبتا على مكانكما،

والزماه، وقعوده - صلى الله عليه وسلم - بينهما دليل على جواز مثل ذلك، وأنَّه لا يعاب على من

فعله إذا لم يؤدّ ذلك إلى اطلاع على عورة، أو إلى شيء ممنوع شرعًا. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015