النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسألتيه خادمًا، فقد أجهدك الطحن، والعمل"، وعنده وعند ابن
سعد، من رواية عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عليّ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما
زوَّجه فاطمة ... " فذكر الحديث، وفيه: "فقال عليّ لفاطمة ذات يوم: والله لقد
سَنَوْت حتى اشتكيت صدري، فقالت: وأنا والله لقد طحنت حتى مَجِلت
يداي".
وقوله: "سنوت " بفتح السين المهملة، والنون؛ أي: استقيت من البئر،
فكنت مكان السانية، وهي الناقة.
وعند أبي داود من طريق أبي الورد بن ثُمامة، عن عليّ بن عبد، عن
عليّ: "قال: كانت عندي فاطمة بنت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فجَرَّت بالرحى حتى أثَّرت
بيدها، واستقت بالقِربة حتى أثّرت في عنقها، وقَمَّت البيتَ حتى اغبرت
ثيابها"، وفي رواية له: "وخبزت حتى تغيَّر وجهها".
وقوله: (وَأَتَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) جملة حاليّة بتقدير "قد"، أو دون تقديرها على
خلاف بين النحاة. (سَبْيٌ) مرفوع على الفاعليّة لـ "أتى"، و "السبي" بفتح السين
المهملة، وسكون الموحّدة، آخره مثنّاة تحتانيّة؛ أي: عبيد مسبيّون، يقال: سَبَيْتُ
العدوّ سَبْيًا، من باب رمى: إذا أَسَرْته، والاسم: السِّبَاءُ، وزانُ كتاب، والقصر
لغة، وأَسْبَيْتُهُ مثلُه، فالغلام سَبِيٌّ، ومَسْبِيّ- بالتشديد - والجارية سَبِيَّة، ومَسْبِيَّةٌ
- بالتشديد أيضًا- وجمعها سَبَايَا، مثلُ عطيّة وعطايا، وقوم سَبْيٌ - بالتخفيف-
وصفٌ بالمصدر، قال الأصمعيّ: لا يقال للقوم إلا كذلك، قاله الفيّوميّ (?).
ووقع في بعض النسخ بلفظ: "فأُتي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسبيٍ"، فالفعل على هذا
مبنيٌّ للمفعول، فتنبّه.
وفي رواية البخاريّ: "قوله: فأتت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادمًا"؛ أي: جارية
تخدمها، ويُطلق أيضًا على الذكر، وفي رواية السائب: "وقد جاء الله أباك
بسبي، فاذهبي إليه، فاستخدميه"؛ أي: اسأليه خادمًا، وزاد في رواية يحيى
القطان، عن شعبة: "وبلَغها أنه جاءه رقيق" (?).