سَعَى عِقَالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَدًا (?) ... فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرُو عِقَالَيْنِ
قال ابن الأثير في "النهاية": نصب عقالً على الظرف، أراد: مُدَة عقال،
والعقال: صدقة عامٍ. وقال ابن يعيش في "شرح المفصّل": من المنصوب على
الظرف قولهم: سِيْرَ عليه ترويحتين، وانتُظِر به نحو جزورين، والمراد مدة
ذلك، والترويحتين تثنية الترويحة: واحدة التراويح في الصلاة.
وقال أبو البقاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليصلّ أحدكم نشاطه": إنه منصوب على
تقدير الظرف؛ أي: مدة نشاطه، فحَذَفه، وأقام المصدر مقامه.
وقال الأشرف في "شرح المصابيح": يجوز أن يكون نشاطه بمعنى
الوقت، وأن يراد به الصلاة التي نشط لها.
[فإن قلت]: فما تقول في نصبه على الصفة للمصدر؟ .
[قلت]: هذا ذكره طائفة، وأقول: لا يخلو إما أن يجعل صفة للمصدر
المذكور، وهو سبحان، أو لمقدّر:
فأمَّا الأول: فيعكر عليه الفصل بينه وبين موصوفه بقوله: "وبحمده"،
وذلك ضعيف، أو ممنوع، مع أن عندي في جواز وصف سبحان وقفةٌ، فإنه
غير متصرف، ولم يستعمل إلا عَلَماً للتسبيح، منصوبًا ولم يتصرف فيه بشيء.
وأما الثاني: وهو أن يجعل التقدير سبحان الله تسبيحًا زنة عرشه، ففيه
وقفة من وجوه:
الأول: أنه تقدير ما لا حاجة إليه؛ لأن المصدر يصرِّح به في اللفظ،
فأي حاجة إلى تقدير مصدر آخر؟
الثاني: أن المصدر المذكور منصوب بفعل مقدَّر، فإذا قُدّر مصدر آخر
لزم منه تقدير ثلاثة: فعل المصدر الظاهر، والمصدر المقدر، وفعل آخر له؛
لأن الفعل الواحد لا ينصب مصدرين، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك.
الثالث: أن الكلام لا يصح إلا بتقدير آخر؛ لأن التسبيح ليس نفس
الزنة، فيكون التقدير: مثل زنة عرشه، وإذا آل الأمر إلى تقدير، فالمراد المثلية
في المقدار، فرجع إلى ما قلناه من الظرفية، خصوصًا أن قوله: "رضا نفسه" لا