التبريزيّ والمرزوقيّ كلاهما في "شرح الحماسة" وقول الشاعر [من الطويل]:

فَسَايَرْتُهُ مِقْدَارَ مِيلٍ وَلَيْتَنِي

وفي قوله [من الطويل]:

هَلِ الْوَجْدُ إِلَّأ أَنَّ قَلْبِيَ لَوْ دَنَا ... مِنَ الْجَمْرِ قِيدَ الرُّمْحِ لَاحْتَرَقَ الْجَمْرُ

بأن نصب مقدار وقِيد كلاهما على الظرف، وقِيد بمعنى قَدْر. قال ابن

شمعون في "شرح الإيضاح" في قول الفرزدق [من الكامل]:

مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إِزَارَهُ ... فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأَشْبَارِ

يجوز نصب خمسة الأشبار نصب الظرف بِسَمَا بتقدير مضاف؛ أي: سما

مقدار خمسة الأشبار.

وقال جماعة في حديث أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يُدنيه من الأرض

المقدسة رميةً بحجر: إن رمية نُصِب على الظرف، بتقدير: قد رأى قَدْر رمية

بحجر.

وقال الطيئي في "شرح المشكاة" في حديث فضل الصلاة التي يُستاك لها

على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضُعفًا: قوله: سبعين مفعول مطلق، أو

ظرف؛ أي: تَفْضُل مقدار سبعين.

وقال أبو البقاء في حديث "من فارق الجماعة شبرًا": هو منصوب على

الظرف، والتقدير: قَدْر شبر.

وقال الطيبيّ في حديث "من تقرب إليّ شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن

تقرب إليّ ذراعًا تقربت منه باعًا": شبرًا، وذراعًا، وباعًا، في الشرط والجزاء

منصوبان على الظرفية؛ أي: من تقرَّب إليّ مقدار شبر.

وقال أيضًا في حديث "من ظلم شبرًا من أرض": المفعول به محذوف،

وشبرًا يجوز أن يكون مفعولًا؛ أي: ظلم شبرًا، ومفعولًا فيه، مقدار شبر.

وقال أيضًا في حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير حُضْر فرسه: نصب حُضر على

حذف المضاف؛ أي: قَدْر ما يعدو عدوة واحدة.

ثم إن المسألة منصوصة في كتب النحو. قال ابن مالك في "التسهيل":

الصالح للظرفية القياسية ما دلّ على مقدار، وقال في الألفية:

وَقَدْ يَنُوبُ عَنْ مَكَانٍ مَصْدَرُ ... وَذَاكَ فِي ظَرْفِ الزمَانِ يَكْثُرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015