الذين جاؤوا من أهل مكة وغيرهم يوم الخندق، حال كونه (وَحْدَهُ) وقال
النوويّ: أي: غلب قبائل الكفار المتحزبين عليهم وحده؛ أي: من غير قتال
الآدميين، بل أرسل عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها. انتهى (?).
(فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ")؛ أي: جميع الأشياء بالنسبة إلى وجوده كالعدم، أو
بمعنى كلّ شيء يفنى، وهو الباقي بعد كل شيء، فلا شيء بعده، قال الله
تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88].
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "فلا شيء بعده"؛ أي: لا شيء ينصر، ولا
يدفع غيره. انتهى (?).
[فإن قلت]: هذا سجع، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذَمّ السجع، حيث قال مُنْكِرًا:
"أسجعٌ كسجع الكهان؟ ".
[أجيب]: بأن المنكر والمذموم السجع الذي يأتي بالتكلف، وبالتزام ما لا
يلزم، وسجعه - صلى الله عليه وسلم - من السجع المحمود؛ لأنه جاء بانسجام، واتفاق، على مقتضى
السجيّة، وكذلك وقع منه في أدعية كثيرة، من غير قَصْد لذلك، ولا اعتماد إلى
وقوعه موزونًا، مُقَفًّى بقصده إلى القافية، قاله في "العمدة" (?)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [18/ 6886] (2724)، و (البخاريّ) في
"المغازي" (4114)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (6/ 430)، و (أحمد) في
"مسنده" (2/ 307 و 340 و 494)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رضي الله عنه أوّلَ الكتاب قال:
[6887] (2725) - (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ
إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي