شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله عنه؛ أنه (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَصْلِحْ

لِي دِينِيَ الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي) بكسر العين؛ أي: الذي يعصمني من النار،

وغضب الجبار، وقيل: أي: ما أعتصم به، فإن العصمة في النفس والمال

والعِرض إنما تحصل بالدين، والعصمة على ما في "الصحاح": المنع،

والحفظ، فقيل: هو هنا مصدر بمعنى الفاعل؛ أي: الذي هو حافظ لأمري؛

أي: لجميع أموري؛ لأنه مفرد مضاف، فيعمّ، قال المناويّ: فإن من فسد

دينه، فسدت جميع أموره، وخاب، وخسر في الدنيا والآخرة (?).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "عصمة أمري"؛ أي: رباطه، وعماده، والأمر

بمعنى الشأن، ومعنى هذا: أن الدين إن فسد لم يصلح للإنسان دنيا، ولا

آخرة، وهذا دعاء عظيم جمع خير الدنيا والآخرة، والدين والدنيا، فحقٌّ على

كل سامع أن يحفظه، ويدعو به آناء الليل وآناء النهار، لعلّه يوافق ساعة إجابة،

فيحصل له خير الدنيا والآخرة. انتهى (?).

وقال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "عصمة أمري" هو من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} الآية [آل عمران: 103]؛ أي: بعهد الله، وهو الدِّين، وإصلاح

الدنيا عبارة عن الكفاف فيما يَحتاج إليه، وأن يكون حلالًا مُعِينًا على الطاعة،

وإصلاح المعاد: اللطف، والتوفيق لطاعة الله، وعبادته، وطلب الراحة بالموت

إشارة إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أردت بقوم فتنة، فتوفّني غير مفتون"، قال: وهذا

الدعاء من الجوامع (?)؛ أي: حيث جمع فيه هذه الثلاثة: صلاح الدنيا،

والدين، والمعاد، وهي الجامع لمقاصد العبد كلّها، والله تعالى أعلم.

(وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي)؛ أي: بإعطاء الكفاف فيما أحتاج

إليه، وكونه حلالًا مُعِينًا على الطاعة. وقيل: معناه: احْفَظْ من الفساد ما أحتاج

إليه في الدنيا، (وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي)؛ أي: بالتوفيق للعبادة، والإخلاص في

الطاعة، وحسن الخاتمة. (الَّتِي فِيهَا مَعَادِي) بفتح الميم: مصدر عاد: إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015