يقظته فلا تخفى أنها كانت كلها عبادة، وَيحْتَمِل أن يكون معناه: لك وضعت
جنبي؛ لتحفظه، ولك رفعته؛ لترحمه. انتهى (?).
(إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي) الإمساك كناية عن الموت، فلذلك قال: (فَاغْفِرْ لَهَا)
وفي رواية البخاريّ: "فارحمها".
وقال في "الفتح": قوله: "إن أمسكت"، وفي رواية يحيى القطان: "اللَّهُمَّ
إن أمسكت"، وفي رواية ابن عجلان: "اللَّهُمَّ فإن أمسكت"، وفي رواية عبدة:
"فإن احتبست"، وقوله: "فارحمها"، في رواية مالك: "فاغفر لها"، وكذا في
رواية ابن عجلان عند الترمذيّ، قال الكرمانيّ: الإمساك كناية عن الموت،
فالرحمة، أو المغفرة تناسبه، والإرسال كناية عن استمرار البقاء، والحفظُ
يناسبه، قال الطيبيّ: هذا الحديث موافق لقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ
مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى
إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الآية [الزمر: 42]، قال: جَمَع النفسين في حُكم التوفّي، ثم
فرّق بين جهتي التوفّي بالحكم بالإمساك، وهو قبض الروح، والإرسال، وهو
ردّ الحياة؛ أي: الله يتوفّى الأنفس، النفس التي تقبض، والنفس التي لا
تقبض، فيُمسك الأولى، وُيرسل الأخرى. انتهى (?).
وقد وقع التصريح بالموت والحياة في رواية عبد الله بن الحارث، عن ابن
عمر بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقول: "اللَّهُمَّ أنت خلقت
نفسي، وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها، فاحفظها، وإن أمتّها
فاغفر لها"، أخرجه النسائيّ، وصححه ابن حبّان.
(وَأِنْ أَرْسَلْتَهَا) من الإرسال، وهو كناية عن البقاء في الدنيا، ولذلك قال:
(فَاحْفَظْهَا)، وقوله: (بِمَا تَحْفَظُ بِهِ) قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الباء فيه مثل الباء في
قولك: كتبت بالقلم، وكلمة "ما" مبهمة، وبيانها ما دلّت عليه صلتها. (عِبَادَكَ
الصَّالِحِينَ") حيث يحفظهم من المعاصي، ومن أن لا يهنوا في طاعته وعبادته،
بتوفيقه ولطفه.