الجهاد إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد، فمن اتفق له أنه جمع ذلك،
كمن يذكر الله بلسانه وقلبه، واستحضاره، وكل ذلك حال صلاته، أو في
صيامه، أو تصدّقه، أو قتاله الكفار مثلاً فهو الذي بلغ الغاية القصوى، والعلم
عند الله تعالى.
وأجاب القاضي أبو بكر ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللهُ- بأنه ما من عمل صالح إلا
والذكر مشترَط في تصحيحه، فمن لم يذكر الله بقلبه عند صَدَقته، أو صيامه
مثلاً فليس عمله كاملاً، فصار الذكر أفضل الأعمال من هذه الحيثية، ويشير
إلى ذلك حديث: "نية المؤمن أبلغ من عمله " (?)، ذكره الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-، وهو
بحث نفيسٌ جدّاً، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(9) - (بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ بِـ "اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً،
وَفِي الأخِرَةِ حَسَنَةً، وَقنَا عَذَابَ النَّارِ")
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:
[6816] (2690) - (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي:
ابْنَ عُلَيَّةَ- عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ -وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ- قَالً: سَأَلَ قَتَادَةُ أَنَساً: أَيُّ دَعْوَةٍ
كَانَ يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ؟ قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ آتِنَا
في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، قَالَ: وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أَرَادَ
أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ).
رجال هذا الإسناد: أربعة:
1 - (اِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ) ابن إبراهيم البصريّ، تقدّم قبل أربعة أبواب.
2 - (عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ) الْبُنانيّ البصريّ، تقدَّم أيضاً قبل أربعة
أبواب.