أَمْثَالِهَا)؛ أي: ثواب عشر حسنات أمثالها، حُذف المميز الموصوف، وأقيم

الصفة مقامه، فلا يُعترض بأن الأمثال جمع مِثْل، وهو مذكر، فكان قياسه

عشرة بالتاء، على القاعدة، والجواب أن المعدود محذوف، وهو موصوف

أمثالها، والحسنات مؤنث، فناسب تذكير العدد، يعني: أنه رُوعي في ذلك

الموصوف المحذوف، والتقدير: فله عشر حسنات أمثالها، ثم حُذف

الموصوف، وأقيم صفته مقامه، وتُرك العدد على حاله.

والحاصل: إن له عشر مثوبات، كل منها مثل تلك الحسنة في الكيفية،

وهذا أقل المضاعفة بمقتضى الوعد، ولذا قال: (وَأَزِيدُ) وفي بعض النسخ: "أو

أزيده " بـ "أو"، و"أزيد" بصيغة المتكلم؛ أي: لمن أريد الزيادة من أهل السعادة

على عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وإلى أضعاف كثيرة إلى ما لا يعلم قَدْره

إلا الله تعالى، وهذا معنى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261].

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله تعالى: "فله عشر أمثالها، أو أزيد" معناه: أن

التضعيف بعشرة أمثالها لا بُدّ بفضل الله ورحمته، ووعده الذي لا يُخلَف،

والزيادة بعدُ بكثرة التضعيف إلى سبعمائة ضعف، وإلى أضعاف كثيرة، يحصل

لبعض الناس دون بعض، على حسب مشيئته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-. انتهى (?).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "وأزيد" مفتوح الهمزة، مكسور الزاي،

مضموم الدال، على أنه فعلٌ مضارع، وكذا رويته، وقد رُوي هذا الحرف

بالواو الجامعة، وبـ "أو" التي معناها أحد الشيئين، وهو إشار إلى معنى قوله

تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]، والحسنة تعمّ الحسنات كلها،

فأيّ حسنة عملها المسلم ضوعف ثوابها كذلك، ولا معنى لقول من قَصَرها

على بعض الحسنات دون بعض، فإنَّه يلزمهم مخالفة اللفظ العامّ، والكرم

التامّ. انتهى (?).

(وَمَنْ جَاءَ بالسَّيِّئَةِ) غير مكفَّرة (فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)؛ أي: عدلاً، وفي

نسخة: "بمثلها"، (أَوْ أَغْفِرُ)؛ أي: أسترها عنه فضلاً وكرماً، والمعنى: إن

جازيته، فأجازيه بمثلها دون تضعيفها، كما في الحسنات، وإن شئت سترتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015