4 - (النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ) بن مالك الأنصاريّ، أبو مالك البصريّ، ثقةٌ [3]
مات سنة بضع ومائة (ع) تقدم في "العتق" 2/ 3767.
و"أنس -رضي الله عنه-" ذُكر قبله.
وقوله: (حَدَّثنَا عَاصِمٌ) هو ابن سليمان المعروف بالأحول، وقد سَمع من
أنس، وربما أدخل بينهما واسطة كهذا، قاله في "الفتح" (?).
وقوله: (وَأنسٌ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ) جملة حاليّة، يعني: أن النضر حدّث عاصمًا
بهذا الحديث، والحال أن أنسًا -رضي الله عنه- حيّ؛ يعني: أن النضر حدّث به في حياة
أبيه.
وقوله: (لَا يَتَمَنَّيَنَّ) وفي رواية للبخاريّ: "لا يتمنَّى"، قال في "الفتح":
قوله: "لا يتمنى" كذا للأكثر بلفظ النفي، والمراد به النهي، أو هو للنهي،
وأُشبعت الفتحة، ووقع في رواية الكشميهنيّ: "لا يتمنينّ" بزيادة نون التأكيد،
ووقع في رواية همام: "لا يتمنّ أحدكم الموت، ولا يَدْع به قبل أن يأتيه"،
فجَمَع في النهي عن ذلك بين القصد والنطق، وفي قوله: "قبل أن يأتيه" إشارة
إلى الزجر عن كراهيته إذا حضر؛ لئلا يدخل فيمن كره لقاء الله تعالى، وإلى
ذلك الإشارة بقوله -صلى الله عليه وسلم- عند حضور أجله: "اللَّهُمَّ ألحقني بالرفيق الأعلى"،
وكلامه -صلى الله عليه وسلم- بعدما خُيِّر بين البقاء في الدنيا والموت، فاختار ما عند الله، وقد
خَطَب بذلك، وفهمه عنه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، كما تقدم بيانه في "المناقب".
وحكمة النهي عن ذلك أن في طلب الموت قبل حلوله نوع اعتراض،
ومراغمة للقدر، وإن كانت الآجال لا تزيد، ولا تنقص، فإن تمني الموت لا
يؤثر في زيادتها، ولا نقصها، ولكنه أمر قد غُيِّب عنه.
قال النوويّ -رحمه الله-: في الحديث التصريح بكراهة تمني الموت؛ لضرّ نزل
به، من فاقة، أو محنة بعدوّ ونحوه، من مشاق الدنيا، فأما إذا خاف ضررًا،
أو فتنة في دِينه فلا كراهة فيه؛ لمفهوم هذا الحديث، وقد فعله خلائق من
السلف لذلك، وفيه أن من خالف، فلم يصبر على الضرّ، وتمنى الموت لضرّ
نزل به، فليقل الدعاء المذكور.