كان الفرد أفضل من الزوج؛ لأن الوتر أفضل من الشفع؛ لأن الوتر من صفة
الخالق، والشفع من صفة المخلوق، والشفع يحتاج للوتر من غير عكس.
وقيل: الكمال في العدد حاصل في المائة؛ لأن الأعداد ثلاثة أجناس:
آحاد، وعشرات، ومئات، والألف مبتدأ لآحاد آخر، فأسماء الله مائة استأثر الله
منها بواحد، وهو الاسم الأعظم، فلم يُطلِع عليه أحداً، فكأنه قيل: مائة، لكن
واحد منها عند الله.
وقال غيره: ليس الاسم الذي يكمل المائة مخفيّاً، بل هو الجلالة،
وممن جزم بذلك السهيليّ، فقال: الأسماء الحسنى مائة على عدد درجات
الجنة، والذي يكمل المائة: "الله"، ويؤيده قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]، فالتسعة والتسعون لله، فهي زائدة عليه، وبه تكمل
المائة. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الأَولى في هذا أن يردّ إلى العليم
الخبير، فلا داعي للاختلاف في تعيين وجه الحكمة، وليست معرفته من
التكليفيّات، فتبصّر، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في معنى: "من أحصاها ...
إلخ":
قال الخطابيّ - رحمه الله -: الإحصاء في مثل هذا يَحْتَمِل وجوهاً:
أحدها: أن يعُدّها حتى يستوفيها، يريد أنه لا يقتصر على بعضها، لكن
يدعو الله بها كلّها، وُيثني عليه بجميعها، فيستوجب الموعود عليها من الثواب.
ثانيها: المراد بالإحصاء: الإطاقة، كقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ}
[المزمل: 20]، ومنه حديث: "استقيموا، ولن تحصوا"؛ أي: لن تبلغوا كنه
الاستقامة، والمعنى: من أطاق القيام بحقّ هذه الأسماء، والعمل بمقتضاها،
وهو أن يعتبر معانيها، فيُلزم نفسه بواجبها، فإذا قال: الرزاق، وَثِق بالرزق،
وكذا سائر الأسماء.
ثالثها: المراد بالإحصاء: الإحاطة بمعانيها، من قول العرب: فلان ذو