توقيفيّة، تُعلم من طريق الكتاب والسُّنَّة، ولم يكن لنا أن نتصرّف فيها بما

نهتدي إليه بمبلغ علمنا، ومنتهى عقولنا، وقد مُنعنا عن إطلاق ما لم يَرد به

التوقيف من ذلك، وإن جوّزه العقل، وحكم به القياس، كأن الخَطْب في ذلك

غير هيّن، والمخطئ فيه غير معذور، والنقصان عنه كالزيادة فيه غير مرضيّ،

وكان الاحتمال في رسم الخطّ واقعاً باشتباه تسعة وتسعين في زلّة الكاتب،

وهفوة القلم بسبعة وتسعين، أو سبعة وسبعين، أو تسعة وسبعين، فينشأ

الاختلاف في المسموع من المسطور، فأكّده به حسماً لمادّة الخلاف، وإرشاداً

إلى الاحتياط في هذا الباب. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.

(المسألة السادسة): استُدِلّ بهذا الحديث على صحة استثناء القليل من

الكثير، وهو متفق عليه، وأبعدَ من استَدَلّ به على جواز الاستثناء مطلقاً، حتى

يدخل استثناء الكثير حتى لا يبقى إلا القليل.

وأغرب الداوديّ فيما حكاه عنه ابن التين، فنقل الاتفاق على الجواز،

وأن من أقرّ، ثم استثنى عُمل باستثنائه، حتى لو قال: له عليّ ألف إلا تسعمائة

وتسعة وتسعين، أنه لا يلزمه إلا واحد.

وتعَقّبه ابن التين، فقال: ذهب إلى هذا في الإقرار جماعة، وأما نَقْل

الاتفاق فمردود، فالخلاف ثابت، حتى في مذهب مالك، وقد قال أبو الحسن

اللَّخْميّ منهم: لو قال: أنت طالق ثلاثاً إلا ثنتين، وقع عليه ثلاث، ونقل

عبد الوهاب وغيره عن عبد الملك وغيره أنه لا يصح استثناء الكثير من

القليل، ، ومن لطيف أدلتهم أن من قال: صمت الشهر إلا تسعاً وعشرين يوماً،

يُستهجن؛ لأنه لم يصم إلا يوماً، واليوم لا يسمى شهراً، وكذا من قال: لقيت

القوم جميعاً إلا بعضهم، ويكون ما لقي إلا واحداً.

قال الحافظ: والمسألة مشهورة، فلا يُحتاج إلى الإطالة فيها. انتهى (?)،

والله تعالى أعلم.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم هل هذا العدد للحصر، أو لا؟ :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015