حتى ينام عليه، ثم يبدأ به عند استيقاظه، وذلك من دلائل صدق المحبة، كما

قال بعضهم [من الطويل]:

وَآخِرُ شَيءٍ أَنْتَ فِي كُلِّ هَجْعَةٍ ... وَأَوَّلُ شَيْءٍ أَنْتَ وَقْتَ هُبُوبِي

وأما ما يفعله الإنسان في آناء الليل وأطراف النهار، من مصالح دينه،

وبدنه، ودنياه، فعامة ذلك يُشرع ذكر اسم الله عليه، فيُشرع له ذكر اسم الله

وحَمْده على أكله، وشربه، ولباسه، وجماعه لأهله، ودخول منزله، وخروجه

منه، ودخوله الخلاء، وخروجه منه، وركوبه دابته، وشممي على ما يذبحه من

نُسُك وغيره.

ويُشرع له حمد الله على عطاسه، وعند رؤية أهل البلاء في الدِّين أو

الدنيا، وعند التقاء الإخوان، وسؤال بعضهم بعضاً عن حاله، وعند تجدد ما

يحبه الانسان من النعم، واندفاع ما يكرهه من النقم، وأكمل من ذلك أن

يحمد الله على السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، ويحمده على كل حال.

وُيشرع له دعاء الله عند دخول السوق، وعند سماع أصوات الديكة

بالليل، وعند سماع الرعد، وعند نزول المطر، وعند اشتداد هبوب الرياح،

وعند رؤية الأهلة، وعند رؤية باكورة الثمار.

وُيشرع أيضاً ذكر الله ودعاؤه عند نزول الكرب، وحدوث المصائب الدنيوية،

وعند الخروج للسفر، وعند نزول المنازل في السفر، وعند الرجوع من السفر.

وُيشرع التعوذ بالله عند الغضب، وعند رؤية ما يَكره في منامه، وعند

سماع أصوات الكلاب والحمير بالليل.

وُيشرع استخارة الله عند العزم على ما لا يظهر الخِيَرة فيه.

وتجب التوبة إلى الله، والاستغفار من الذنوب، كلها صغيرها وكبيرها،

كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا

لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135].

فمن حافظ على ذلك لم يزل لسانه رطباً بذكر الله في كل أحواله.

[فصل]: قد ذكرنا في أول الكتاب (?) أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد بُعث بجوامع الكلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015