الأنبياء، وأصحابهم، وأتباعهم العاملين به، وتارة يَخفضه بمعنى يُذهبه، ويُخفيه بدروس الشرائع، ورجوع أكثر الناس عن المشي على منهاجها، ويَحْتَمِلُ أن يكون رَفْعُها قبضها، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الأمانة: إنها تُرفع من القلوب (?)، وكما قال: "أول ما تَفقِدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة" (?)، بل كما قال: "عليكم بالعلم قبل أن يُرفع" (?)، وخفضها: إيجادها في الأرض، ووضعها. انتهى كلام القرطبيّ (?).

(يُرْفَعُ) بالبناء للمفعول (إِلَيْهِ) أي للعرض عليه سبحانه وتعالى، فالرفع على ظاهره، وقيل: معنى الرفع إليه: الرفع إلى خزائنه، كما يقال: حُمل المال إلى الملك، فيُضبط إلى يوم الجزاء، ويُعرَض عليه، وإن كان هو سبحانه وتعالى أعلم به؛ ليأمر ملائكته بإمضاء ما قضى لفاعله جزاءً له على فعله، والمعنى الأولى أولى، والله تعالى أعلم.

(عَمَلُ اللَّيْلِ) أي المعمول فيه (قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ) أي قبل أن يُؤتَى بعمل النهار، وهو بيان لمسارعة الكرام الكتبة إلى رفع الأعمال، وسرعة عروجهم إلى ما فوق السماوات، وعرضهم على الله تعالى، فإن الفاصل بين الليل والنهار آنٌ لا يجزي، وهو آخر الليل، وأول النهار.

وقيل: قبل أن يُرفع إليه عمل النهار، والأول أبلغ، قاله التوربشتيّ.

وقيل: الثاني أبلغ؛ لأن فيه بيان عظيم شأن الله تعالى، وقوّة عباده المكرمين، وحسن قيامهم بما أُمروا، ولأن لفظ العمل مصدر، فكأنه قال: يُرفع إليه عمل الليل، أي المعمول في الليل قبل عمل النهار، فلا حاجة إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015