[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من رباعيّات المصنّف رحمه اللهُ.
شرح الحديث:
(عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ) -بفتحتين-: نسبة إلى قبيلة بَجِيلة،
وهو ابن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث، أخي الأزد بن الغوث، وقيل:
إن بَجِيلة اسم أمهم، وهي من سعد العشيرة، وأختها باهلة، ولدتا قبيلتين
عظيمتين، نزلت الكوفة، قاله في "اللباب" (?). (قَالَ) جندب - رضي الله عنه -: (قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ)؛ يعني: اقرؤوه على
نشاط منكم، وخواطركم مجموعة، فإذا حصل لكم ملالة، فاتركوه، فإنه أعظم
من أن يقرأه أحد من غير حضور القلب، يقال: قام بالأمر: إذا جدّ فيه،
وداوم عليه، وقام عن الأمر: إذا تركه، وتجاوز عنه، كذا فسَّره
الطيبيّ رحمه اللهُ (?).
وقال الكرمانيّ: الظاهر أن المراد: اقرؤوا القرآن ما دام بين أصحاب
القراءة ائتلاف، فإذا حصل اختلاف فقوموا عنه، وقال ابن الجوزيّ: كان
اختلاف الصحابة يقع في القراآت، واللغات، فأُمروا بالقيام عند الاختلاف؛
لئلا يجحد أحدهم ما يقرأه الآخر، فيكون جاحدًا لِمَا أنزل الله عزَّ وجلَّ (?).
(فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ)؛ أي: في فَهْم معانيه، (فَقُومُوا")؛ أي: تفرقوا؛ لئلا
يتمادى بكم الاختلاف إلى الشرّ، قال عياض: يَحْتَمِل أن يكون النهي خاصًّا
بزمنه - صلى الله عليه وسلم -؛ لئلا يكون ذلك سببًا لنزول ما يسوؤهم، كما في قوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].
ويَحْتَمِل أن يكون المعنى: اقرؤوا، والزموا الائتلاف على ما دلّ عليه،
وقاد إليه، فإذا وقع الاختلاف، أو عرض عارض شبهة يقتضي المنازعة الداعية
إلى الافتراق، فاتركوا القراءة، وتمسكوا بالمحكم الموجِب للألفة، وأعرضوا