وغَرَضُ أم حبيبة - رضي الله عنها - أن تطول أعمار هؤلاء الثلاثة، وتزيد، حتى يعيشوا

دهرًا طويلًا، وتستمع بهم.

(قَالَ) عبد الله - رضي الله عنه -: (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ سَأَلْتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ)؛

أي: مقدّرة بما لا مزيد فيه، ولا نقصان، (وَأَيَّام مَعْدُودَةٍ)؛ أي: معلوم عددها،

وهي الأيام التي يعيشونها في علم الله -سبحانه وتعالى-، (وَأرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ) لهم بما لا مزيد

فيه، ولا نقصان، (لَنْ يُعَجِّلَ) وفي بعض النسخ: "إن يُعجّلُ الله"، وعليها،

فـ "إِن" بكسر، فسكون نافية، والفعل مرفوع بعدها، فهي بمعنى ما يعجّل الله،

و"يُعجّل" بضم أوله، وتشديد الجيم، من التعجيل. (شَيْئًا) من الآجال، (قَبْلَ

حِلِّهِ)؟ أي: قبل حلول وقته.

قال النوويّ -رحمه الله-: أما "حِلّه" فضبطناه بوجهين: فتح الحاء، وكسرها، في

المواضع الخمسة، من هذه الروايات، وذكر القاضي أن جميع الرواة على

الفتح، ومراده: رواة بلادهم، وإلا فالأشهر عند رواة بلادنا الكسر، وهما

لغتان، ومعناه: وجوبه، وحينه، يقال: حَلَّ الأجل يَحُلّ - من باب ضرب-

حِلًّا، وحَلًّا. انتهى (?).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "حَلّه" كذا الرواية بفتح الحاء في الموضعين،

وهو مصدر حَلّ الشيءُ يَحِلّ حَلًّا، وحُلولًا، ومحلًّا، والمحلّ أيضًا: الموضع

الذي يُحَلّ فيه؛ أي: يُنزل. انتهى (?).

وقال المرتضى -رحمه الله-: حَلَّ المَكانَ، وحَلّ به يَحُلّ، وَيحِلّ، مِن بابي نَصَرَ،

وضَرَبَ، وهو ممّا جاء بالوَجْهين، كما ذكره الشيخ ابنُ مالكٍ أيضًا، حَلًّا،

وحُلُولًا، وحَلَلًا مُحرَّكةً بفَكّ التضعيف، وهو نادِرٌ؛ أي: نَزَل به. وقال الراغب:

أصْلُ الحَلّ: حَلُّ العُقْدة، ومنه: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)} [طه: 27]،

وحَلَلْتُ: نَزلْتُ مِن حَلِّ الأَحْمالِ عندَ النزول، ثم جُرِّد استعمالُه للنُّزولِ، فقِيل:

حَلَّ حُلُولًا: نَزَل. وفي "المِصباح": حَلَّ العَذابُ يَحُلّ، وَيحِلُّ حُلُولًا، هذه

وحدَها بالضمِّ والكسرِ، والباقي بالكسر فقط، فتأمَّلْ، كاحْتَلَّهُ، واحْتَلَّ به، قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015