قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القاضي عياض، وتبعه النوويّ،

والسنوسيّ، وغيرهما من ضبط: "يُلِدَ" بضمّ الياء التحتانيّة هو الصواب، وأما

ما ذكره القرطبيّ من ضبْطه بالتاء الفوقيّة بدل الياء، فالظاهر أنه تصحيف،

فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَأبَوَاهُ)؟ أي: المولود، (يُهَوِّدَانِهِ)؛ أي: يعلّمانه دين اليهود، ويجعلانه

يهوديًّا، (وَيُنَصِّرَانِهِ)؛ أي: يعلّمانه دين النصارى، ويجعلانه نصرانيًّا،

(وَيُشَرِّكَانِهِ") بتشديد الراء؛ أي: يعلّمانه دين المشركين، ويجعلانه مشركًا.

(فَقَالَ رَجُلٌ) لا يُعرف اسمه (?): (يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ)؛ أي: أخبرني (لَوْ مَاتَ

قَبْلَ ذَلِكَ)؛ أي: قبل أن يبلغ أن يعرف هذه الأديان، ويتبيَّنها، بأن مات

صغيرًا؛ أي: فما حكمه، هل هو من أهل الجنة، أم من أهل النار؟ (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -:

("اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ") قال ابن قتيبة: معنى قوله: "بما كانوا عاملين"؛

أي: لو أبقاهم، فلا تحكموا عليهم بشيء، وقال غيره: أي: عَلِم أنهم لا

يعملون شيئًا، ولا يرجعون، فيعملوا، أو أخبر بعلم شيء لو وُجد كيف يكون،

مثل قوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: 28]، ولكن لم يُرِدْ أنهم يُجازَون بذلك في

الآخرة؛ لأن العبد لا يجازى بما لم يعمل، قاله في "الفتح" (?).

والحديث متفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الباب،

ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أولَ الكتاب قال:

[6736] ( ... ) - (حَدَّثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْب، قَالَا: حَدَّثنَا

أَبُو مُعَاوِيَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا

الإسنَادِ، فِي حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ، إِلَّا وَهُوَ عَلَى الْمِلَّةِ"، وَفي

رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوَيةَ: "إِلا عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ، حَتَّى يُبَيَنَ عَنْهُ لِسَانُهُ"،

وَفي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ: "لَيْسَ مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى هَذِهِ

الْفِطْرَةِ، حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْهُ لِسَانُهُ").

طور بواسطة نورين ميديا © 2015