وكلاهما من الصفات المتعلقات بالممكنات على ما يُعرف في علم الكلام.
انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?).
وقال في "الفتح": "الكَيْس" بفتح الكاف: ضدّ العجز، ومعناه الْحِذق في
الأمور، ويتناول أمور الدنيا والآخرة، ومعناه: أن كل شيء لا يقع في الوجود
إلا وقد سبق به علم الله، ومشيئته، وإنما جعلهما في الحديث غايةً لذلك؛
للإشارة إلى أن أفعالنا، وإن كانت معلومة لنا، ومرادة منا، فلا تقع مع ذلك
منا إلا بمشيئة الله، وهذا الذي ذكره طاوس مرفوعاً وموقوفاً مطابق لقوله
تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: 49]، فإن هذه الآية نصّ في أن الله
خالق كل شيء، ومقدِّره، وهو أنصّ من قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام: 101]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات: 96]،
واشتهر على ألسنة السلف والخلف أن هذه الآية نزلت في القدريّة.
وياتي لمسلم حديث أبي هريرة التالي: "جاء مشركو قريش، يخاصمون
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كو في القدر، فنزلت"، وقد تقدم في الكلام على سؤال جبريل في
"كتاب الإيمان" شيء من هذا، وأن الإيمان بالقدر من أركان الإيمان، وذكرنا
هناك بيان مقالة القدريّة بما أغنى عن إعادته، ومذهب السلف قاطبةً أن الأمور
كلها بتقدير الله تعالى، كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر: 21]، قاله في "الفتح" (?)، والله تعالى
أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - هذا من أفراد
المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
[تنبيه]: تكلّم بعض من كتب على هامش "صحيح مسلم" ما يدلّ على
تضعيف هذا الحديث، من أجل الكلام في عمرو بن مسلم الْجَنَديّ، فقد تكلّم
فيه أحمد، وغيره، لكن بعضهم قوّاه، فقد روى عنه جماعة، كما قدّمناه،