أَبُو هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ
إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ"، ثُمَّ قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ").
رجال هذا الإسناد: سبعة:
وكلّهم ذُكروا في البابين الماضيين، و"ابْنُ نُمَيْرٍ" هو: محمد بن عبد الله بن
نُمير الْهَمْدانيّ الكوفيّ.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسلٌ بالمصريين، غير شيخيه،
فالأول نسائيّ، ثم بغداديّ، والثاني كوفيّ، والمقرئ بصريّ، ثمّ مكيّ، وأنه
مسلسل بالتحديث، والسماع، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه راويان اشتهرا
بالكنية.
شرح الحديث:
عن أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، بضمّتين، أو بضمّ، فسكون؛ (أَنَّهُ سَمِعَ
عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) - رضي الله عنهما - (يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ
قُلُوبَ بَنِي آدَمَ) وفي حديث النَّوّاس بن سَمْعان - رضي الله عنه - عند ابن ماجه: "ما من
قلبٍ إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه ... "،
وقوله: (كُلَّهَا) بالنصب توكيد لـ "قلوبَ"، (بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ) -بكسر الهمزة، وفتح
الموحّدة- أفصح لغاتها، وهي عشرة، تثليثُ الهمزة، مع تثليث الموحّدة،
والعاشرة أُصْبُوع، بوزن أُسْبُوع. (مِنْ أصَابعِ الرَّحْمَنِ) قال النوويّ: هذا من
أحاديث الصفات، وفيها القولان السابقان قريباً:
أحدهما: الإيمان بها، من غير تعرّض لتأويل، ولا لمعرفة المعنى، بل
يؤمن بأنها حقّ، وأن ظاهرها غير مراد، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].
والثاني: يتأول بحسب ما يليق بها، فعلى هذا: المراد المَجاز، كما