إطلاق اسم السبب على المسبَّب؛ لأنَّ مشاهدة الأشياء طريق إلى الإخبار
عنها، والهمزة فيه مُقَرِّرة؛ أي: قد رأيت ذلك، فأخبرني به (?). (مَا يَعْمَلُ
النَّاسُ)؛ أي: من الخير والشر، (الْيَوْمَ)؛ أي: في الدنيا، (وَيَكْدَحُونَ فِيهِ)؛
أي: يسعون في تحصيله بجهد وكدّ؛ أي: تعب، قال الطيبيّ: "الكدح": جهد
النفس في العمل، والكدّ فيه حتى يؤثّر فيها، مِن كدح جلده: إذا خدشه، كذا
في "الكشّاف"، وقال القرطبيّ: "الكدح": السعي في العمل لدنيا كان أو
للآخرة، وأصله العمل الشاقّ، والكسب المتعب. انتهى (?).
وقال المرتضى - رَحِمَهُ اللهُ -: كَدَحَ في العَمَلِ: كمنَعَ: سَعَي، يَكدَح كَدْحًا، وقال
أَبو إِسحاق: الكَدْحُ في اللُّغَة: السَّعْيُ، والحِرْص، والدُّؤوب في العمل، في
بابِ الدُّنيا والآخرةِ، قال ابن مُقْبِل [من الطويل]:
وما الدّهْرُ إِلّا تارَتانِ فمِنْهُما ... أَمُوتُ وأُخْرَى أَبْتَغِي العَيْشَ أَكْدَحُ
أَي: تارةً أَسعَى في طَلب العَيْشَ، وأَدأَب، وكَدَحَ الإِنسانُ: عَمِلَ لنَفْسه
خَيْرًا، أَو شَرًّا، ومنه قوله تعالى: {إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} [الانشقاق: 6]، قال
الجوهَرِيّ: أَي: تَسعَي، وكَدَحَ: كَدَّ، وهو يَكدَح في كذَا: أي: يَكُدُّ، وأَصابه
شْيءٌ، فكدَحَ وَجْهَه؛ أَي: خَدَشَ، أَو كَدَحَ وَجْهَ فُلانٍ: إِذا عَمِلَ به ما يَشِينُه،
ككَدّحَه تَكديحًا، فتَكدَّحَ: خَدَشَه، فتَخدّشَ، أَو كدَحَ وَجْهَ أَمْره: إِذا أَفسَدَه،
وكَدَحَ لِعيَالِه: كَسَبَ، كاكتَدَحَ؛ أَي: اكتسَب. انتهى (?).
(أَشَيْءٌ) خبر مبتدأ محذوف؛ أي: أهو شيء (قُضِيَ عَلَيْهِمْ) بالبناء
للمفعول؛ أي: قُدّر فِعله عليهم، (وَمَضَى عَلَيْهِمْ) بالبناء للفاعل؛ أي: نفذ في
حقّهم، (مِنْ قَدَرِ مَما سَبَقَ) هكذا معظم النسخ بـ "ما" بعد "قدر"، ووقع في بعض
النسخ: "بقدر قد سبق"، كما هو الآتي بعدُ، وهو واضح، وعلى الأول يكون
"قدر" منوّنًا، و"ما" زائدة للتأكيد، و"سبق" صفة لـ "قدرٍ"، وَيحتَمِل أن يكون
"قدر" مضافأبي"ما"، وهي موصولة؛ أي: للأمر الذي سبق، والإضافة بيانيّة.
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "من قدر": "من" يجوز أن تكون بيانًا