وقوله: (وَحَدِيثُ دَاوُدَ أتمُّ) يعني أن حديث داود بن أبي هند أتمّ سيَاقًا.
وقوله: (وَأَطْوَلُ) عطف تفسير لـ"أتمّ".
[تنبيه]: رواية إسماعيل التي أحالها المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - على رواية داود بن أبي هند، ساقها البخاريّ في "صحيحه"، فقال:
(4855) حدثنا يحيي، حدثنا وكيعٌ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن مسروق، قال: قلت لعائشة - رضي الله عنهما -: يا أمتاه، هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه؟ فقالت: لقد قَفّ شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدَّثكهن فقد كَذَب؟ : من حدثك أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه، فقد كذَبَ، ثم قرأت: {لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103]، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]، ومن حدّثك أنه يعلم ما في غد، فقد كَذَب، ثم قرأت: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34]، ومن حدَّثك أنه كَتَمَ، فقد كذَبَ، ثم قرأت: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] الآية، ولكنه رأى جبريل - عَلَيْهِ السَّلَام - في صورته مرتين. انتهى.
وقوله: "يا أمتاه" أصله يا أمّ، والهاء للسكت، فأضيف إليها ألف الاستغاثة، فأبدلت تاء، وزيدت هاء السكت بعد الألف، ووقع في كلام الخطابيّ: إذا نادوا قالوا: يا أمه عند السكت، وعند الوصل: يا أمتاه بالمثنّاة، فإذا فتحوا للندبة قالوا: يا أمتاه، والهاء للسكت، وتعقّبه الكرمانيّ بأن قول مسروق: يا أمتاه ليس للندبة؛ إذ ليس هو تفجّعًا عليها، قال الحافظ: وهو كما قال. انتهى.
وقولها: "أين أنت من ثلاث": أي كيف يغيب فهمك عن هذه الثلاث، وكان ينبغي لك أن تكون مستحضرها، ومعتقدًا كَذِب من يَدَّعِي وقوعها؟ .
وقولها: "ولكن رأى جبريل في صورته مرتين"، وفي رواية الكشميهنيّ: "ولكنه"، وهذا جواب عن أصل السؤال الذي سأل عنه مسروق، كما تقدم بيانه، وهو قوله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)}، وقوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)}، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.