إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ
عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ
النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ
الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (عبدُ اللهِ بنُ نُمير) - بنون، مصغَّرًا - الْهَمْدانيّ، أبو هشام الكوفيّ،
ثقةٌ صاحب حديث، من أهل السُّنَّة، من كبار [9] (ت 199) وله أربع وثمانون
سنةً (ع) تقدم في "المقدمة" 2/ 5.
2 - (زيدُ بْنُ وَهْبٍ) الْجُهَنيّ، أبو سليمان الكوفيّ، مخضرمٌ ثقةٌ جليلٌ،
لم يُصِب من قال: في حديثه خلل [2] مات بعد الثمانين، وقيل: سنة ست
وتسعين (ع) تقدم في "الإيمان" 67/ 374.
والباقون ذُكروا في البابين الماضيين، و"عبد الله " هو: ابن مسعود - رضي الله عنه -.
[تنبيه]؛ من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله، وله فيه إسنادان، فرَّق بينهما بالتحويل،
وكلاهما مسلسل بالكوفيين من أوله إلى آخره، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ
مخضرم، وفيه ابن مسعود - رضي الله عنه - من مشاهير الصحابة - رضي الله عنهم -.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه -، وفي رواية للبخاريّ: "سمعت عبد الله بن
مسعود" (قَالَ: ) عبد الله (حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: ) قال
الطيبيّ رحمه الله: يَحْتَمِل أن تكون الجملة حاليّةً، ويَحْتَمِل أن تكون اعتراضيّةً، وهو
أَولى؛ لتعمّ الأحوال كلها، وأن ذلك من دأبه، وعادته.
وقوله: "الصادق"؛ أي: الكامل في الصدق، أو الظاهر كونه صادقًا
بشهادة المعجزات الباهرات، وليس المراد أنه الصادق دون غيره.
وقوله: "المصدوق"؛ أي: الذي جاءه الصدق من ربّه، وليس معناه:
الْمُصَدَّق- بفتح الدال المشدّدة- أي: الذي صَدَّقه المؤمنون، وإن كان هو في