عبد الملك بن حبيب البصريّ، و"أبو ذرّ" هو: جندب بن جُنادة الغفاريّ
الصحابيّ الشهير - رضي الله عنه -.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أربعة
ممن اشتهر بالكنية، وفيه أبو ذرّ - رضي الله عنه - من كبار الصحابة - رضي الله عنه -.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي ذَرٍّ) جندب بن جُنادة الغفاريّ - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: قِيلَ): سيأتي في
الروايات المخرّجة في التنبيه الآتي أن القائل هو أبو ذرّ نفسه - رضي الله عنه -، ولفظه:
"قلت: يا رسول الله، الرجل يعمل. . .". (لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَرَأَيْتَ)؛ أي:
أخبِرني، (الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ)؛ أي: أخبِرنا بحاله، فـ "الرجلَ" منصوب بنزع
الخافض، والمراد بالعمل: جنسه، وقوله: (مِنَ الْخَيْرِ) بيان للعمل، ومن
المعلوم أن لا خير في العمل للرياء، فيكون عمله خالصًا لله تعالى. (ويَحْمَدُهُ
النَّاسُ عَلَيْهِ)؛ أي: يُثنون على ذلك العمل، أو على ذلك الخير، وفي رواية:
"ويحبه الناس عليه"؛ أي: يعظّمونه عليه. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("تِلْكَ)؛ أي: المحمدة،
أو المحبة، أو الخصلة، أو المثوبة، (عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ")؛ أي: معجَّل
بشارته، وأما مؤجَّلها فباقٍ إلى يوم آخرته، وظاهره أنه يستوي فيه أنه يعجبه
حمدهم، ومحبتهم، أو لا، والثاني أَولى، والأول أظهر.
قال المظهر: "أرأيت إلخ"؛ أي: أَخْبِرنا بحال من يعمل عملًا صالِحًا لله
تعالى، لا للناس، ويمدحونه، هل يبطل ثوابه؟ فقال: "تلك عاجل بشرى
المؤمن"؛ يعني: هو في عمله ذلك ليس مرائيًا، فيعطيه الله تعالى به ثوابين:
ثواب في الدنيا، وهو حَمْد الناس له، وثواب في الآخرة، وهو ما أَعَدَّ الله
تعالى له (?).
وقال ابن الجوزيّ رحمه الله: المعنى: أن الله تعالى إذا تقبَّل العمل، أوقع في
القلوب قبول العامل، ومَدْحه، فيكون ما أوقع في القلوب مبشرًا بالقبول، كما