أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"، قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ،
وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ كُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ).
رجال هذا الإسناد: أربعة:
1 - (أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ) سليمان بن داود، تقدّم قريبًا.
2 - (حَمَّادُ بْنُ زيدٍ) أبو إسماعيل البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
3 - (ثَابِثٌ الْبُنَائِيُّ) ابن أسلم البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
و"أنس بن مالك" -رضي الله عنه- ذُكر قبله.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من رباعيّات المصنّف رحمهُ اللهُ، كلاحقه، وهو (410) من رباعيّات
الكتاب، وهو مسلسلٌ بالبصريين، وفيه أنس -رضي الله عنه-، وقد تقدّم القول فيه.
شرح الحديث:
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) تقدّم أنه ذو الخويصرة
اليمانيّ، (إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ )؛ أي: متى
وقت قيام الساعة؟ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟ ") وفي رواية البخاريّ:
"قال: ويلك وما أعددت لها؟ " قال القاري رحمهُ اللهُ: ولَمّا كان السؤال مُحْتَمِلًا
لأن يكون تعنتًا وإنكارصا لها، وأن يكون تصديقًا بها، وإشفاقًا منها، واشتياقًا
للقاء ربه قال -صلى الله عليه وسلم- امتحانًا له: "ويلك، وما أعددت لها؟ " وإلا لو تحقق عنده
إيمانه بها، وإيقانه لها لقال له: ويحك، بدل: ويلك. انتهى (?).
(قَالَ) الرجل: (حُبَّ اللهِ وَرَسُولهِ) بنصب "حبَّ" على أنه مفعول به لمقدّر
دلّ عليه السؤال؛ أي: أعددت لها حبّ الله تعالى، وحبّ رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وفي
رواية البخاريّ: "ما أعددت لها، إلا أني أحبّ الله ورسوله". (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-:
("فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ")؛ أي: ملحَق بهم، وداخل مَدْخَلهم. (قَالَ أَنَسٌ) -رضي الله عنه-:
(فَمَا فَرِحْنَا) بكسر الراء، (بَعْدَ الْإِسْلَامِ)؛ أي: بعد فرحنا لهدايتنا للإسلام،
(فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ") قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وإنَّما