وقوله: (فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) الأمويّ الخليفة الراشد المتوفّى في
رجب سنة (101 هـ) تقدّمت ترجمته في "المقدّمة" 6/ 46.
وقوله: (وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ) جملة حاليّة؛ أي: والحال أن عمر بن عبد العزيز
كان أميرًا على الموسم؛ أي: موسم الحجّ، وهو مُجْتَمعه، قاله المجد.
وقال المرتضى في "التاج": مَوْسِم الحج، كمَجْلِس: مجتمعه، وكذا
مَوْسِم السُّوق، والجمع: مواسم، قال اللحيانيّ: وإنما سُمّيت مواسم؛
لاجتماع الناس، والأسواق فيها، وفي "الصحاح": سُمّي بذلك؛ لأنه مَعْلَمٌ
يُجتَمَع إليه، قال الليث: وكذلك كانت أسواق الجاهلية. انتهى (?).
وقوله: (فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ)؛ أي: إلى عمر بن عبد العزيز، قال
سهيل: (فَقُلْتُ لأَبِي) أبي صالح ذكوان، (يَا أَبَتِ إِنِّي أَرَى اللهَ يُحِبُّ عُمَرَ بْنَ
عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ) أبو صالح: (وَمَا ذَاكَ؟ )؛ أي: وما سبب قولك هذا؟ ، قال
سهيل: (قُلْتُ: لِمَا لَهُ مِنَ الْحُبِّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ)؛ أي: لأني رأيت النالس
يحبّونه، فاستدللت بذلك على ما قلته، (فَقَالَ) له أبوه: (بِأَبِيكَ) جارّ ومجرور
متعلّق بمحذوف، وهو خبر مقدّم لقوله: (أَنْتَ)؛ أي: أنت مفديّ بأبيك، وإنما
فداه بنفسه تعجّبًا مما قاله حيث وافق حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المرفوع، فأثنى
عليه، وَفَدَاه بنفسه.
وقوله: (سَمِعْتُ) بضمّ التاء للمتكلّم، (أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (يُحَدِّثُ عَنْ
رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وجملة "سمعتُ إلخ" مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، فكأنه قال له: لِمَ
قلت: بأبي أنت؟ فقال: لأني سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه-.
[تنبيه]: يوجد في بعض النسخ: "سمعتَ" مضبوطًا بفتح التاء ضَبْط قلم،
فإن صحّ يكون المعنى على الاستفهام، كأنه قاله له: هل أنت سمعت أبا هريرة
يتحدّث إلخ؛ يعني: أن هذا الذي قلتَه كأنك سمعته من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-،
ومعلوم أن سهيلًا لم يلق أبا هريرة، وإنما قاله لموافقة ما قاله سهيل لِمَا سمعه
هو عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، فقال ذلك متعجّبًا منه: كأنك سمعته من أبي هريرة
كما سمعته أنا منه.