[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله، وله فيه أربعة من الشيوخ، وفيه رواية
الابن عن أبيه، وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه-.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ) لم تُسمَّ، (النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِصَبِيٍّ
لَهَا)؛ أي: بولد لها صغير، (فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ ادْعُ اللهَ لَهُ)؛ أي: للصبيّ حتى
يشفى من مرضه، ففي الرواية التالية: "جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِابْنٍ لَهَا،
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَشْتَكِي، وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ". (فَلَقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً) وفي
رواية النسائيّ: "وقد قدّمت ثلاثةً"، (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- مستفهمًا لها: ("دَفَنْتِ ثَلَاثَةً؟ ")
بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أدفنت ثلاثة أولاد؟ (قَالَتْ) المرأة: (نَعَمْ) دفنت
قبله ثلاثةً، (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("لَقَدِ احْتَظَرْتِ)؛ أي: امتنعتِ بمانع وثيق، وأصلُ
الحظر: المنع، وأصل الْحِظَار بكسر الحاء، وفتحها: ما يُجعل حول البستان،
وغيره من قضبان، وغيرها، كالحائط، قاله النوويّ رحمه الله (?).
وقال المجد رحمه الله: حَظَرَ الشيءَ، وعليه: مَنَعَه، وحَجَرَه، واتَّخَذ حَظِيرةً،
كاحتَظَرَ، والمالَ حبسه فيها، والشيءَ حازه، والْحَظِيرةُ: جَرِينُ التمرِ، والمحيطُ
بالشيء، خشبًا، أو قصبًا. انتهى (?).
وقال ابن الأثير رحمه الله: والاحتظار فِعلُ الحِظَار، أراد: لقد احتميت بحمى
عظيم من النار، يَقِيك حَرَّها، ويؤمّنك دخولها. انتهى (?).
(بحِظَارِ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ") -بفتح الحاء المهملة، وكسرها-: هو ما يُجعل
حول الَبستان، من شجر، ونحوه، وقال المجد رحمه الله: الْحِظَارَ، ككتاب:
الحائط، ويُفتَحُ، وما يُعمَل للإبل من شجر، ليقيها البرد. انتهى (?). وقوله:
(مِنَ النَّارِ) متعلق بـ "احتظرت".
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "لقد احتظرت بحظار شديد من النار"؛ أي:
امتنعت، وأصل الحظر: المنع، والحظار: ما يُدار بالبستان من عِيدان،
وقَصَب، سمّي بذلك؛ لأنه يمنع من يريد الدخول، والحظيرة، والمحظور منه،