الذي رضيه، ويقبله من عباده هو الإسلام، ولا يكون الدين في محل القبول والرضا، إلا بانضمام التصديق إلى العمل. هذا كلام البغوي.
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التميميّ الأصبهانيّ الشافعيّ رحمه الله في كتابه "التحرير في شرح صحيح مسلم": الإيمان في اللغة هو التصديق، فإن عُنِي به ذلك، فلا يزيد ولا ينقص؛ لأن التصديق ليس شيئًا يتجزًا، حتى يتصور كماله مرة، ونقصه أخرى، والإيمان في لسان الشرع، هو التصديق بالقلب، والعمل بالأركان، وإذا فُسر بهذا، تطرق إليه الزيادة والنقص، وهو مذهب أهل السنّة، قال: فالخلاف في هذا على التحقيق، إنما هو أن المصدّق بقلبه، إذا لم يَجمَع إلى تصديقه العملَ بموجَب الإيمان، هل يُسمى مؤمنًا مطلقًا، أم لا؟ والمختار عندنا أنه لا يسمى به، قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن"، لأنه لم يعمل بموجب الإيمان، فيستحق هذا الإطلاق. هذا آخر كلام صاحب "التحرير".
وقال الإمام أبو الحسن عليّ بن خَلَف بن بطال المالكيّ المغربيّ، في "شرح صحيح البخاري": مذهب جماعة أهل السنة، من سلف الأمة وخلفها، أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، والحجة على زيادته ونقصانه، ما أورده البخاريّ من الآيات - يعني قوله عز وجل -: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4]، وقوله تعالى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، وقوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]، وقوله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وقوله تعالى: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124]، وقوله تعالى: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173]، وقوله تعالى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
قال ابن بطال: فإيمان من لم تحصل له الزيادة ناقص، قال: [فإن قيل]: الإيمان في اللغة التصديق، [فالجواب]: أن التصديق يكمل بالطاعات كلها، فكلما ازداد المؤَمن من أعمال البر كان إيمانه أكمل، وبهذه الجملة يزيد الإيمان، وبنقصانها ينقص، فمتى نقصت أعمال البر، نقص كمال الإيمان، ومتى زادت زاد الإيمان، كمالًا، هذا توسط القول في الإيمان، وأما التصديق