(عِنْدَ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ) كنية مسروق (ثَلَاثٌ) مبتدأ سوّغ الابتداء به مع كونه نكرةً مراعاة الوصف، أو الإضافة، أي: من الخصال، أو ثلاث خصال، (مَنْ) بفتح الميم شرطيّة (تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ) بكسر الفاء، وسكون الراء: هي الكذب، يقال: فَرَى الشيءَ يَفْري فَرْيًا، من باب رَمَى، وافترى يفتري افتراء: إذا اختلقه، وجَمْعُ الفِرْية فِرى بكسر، ففتح، قال مسروق (قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ ) وفي نسخة: "وما هنّ" بالواو (قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها - (مَنْ) شرطيّة (زَعَمَ) من باب قَتَلَ، وأكثر ما يُطلق فيما كان باطلًا، أو فيه ارتياب، كما هنا، فإن بعض هذه الأشياء من الأمور الباطلة بلا خلاف، وهي ما عدا الرؤيةَ، والرؤية منها على ما رأته عائشة - رضي الله عنها - (أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ) أي يقظةً، ببصره؛ لأنه الذي نفته عائشة - رضي الله عنها -، فأما ما كان منامًا فلم تنفه فقد ثبتٌ ذلك عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرج الترمذيّ بسند صحيح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتاني الليلةَ ربي تبارك وتعالى، في أحسن صورة - قال: أحسبه قال: في المنام - فقال: يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا، قال: فوضع يده بين كتفيّ حتى وجدت بَرْدَها بين ثدييّ - أو قال: في نحري - فعلمت: ما في السماوات وما في الأرض، قال: يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم، قال: في الكفارات، والكفارات: المكثُ في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، وقال: يا محمد، إذا صليتَ فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنةً، فاقبضني إليك غير مفتون، قال: والدرجات: إفشاءُ السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل، والناس نيام" (?).
(فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ) أي الكذب (قَالَ) مسروق (وَكُنْتُ مُتَّكِئًا، فَجَلَسْتُ) أي حتى يتمكّن من مراجعتها (فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي) بقطع الهمزة، أمر من الإنظار، وهو الإمهال، أي أمهليني، يقال: أنظرته الدَّين بالألف: