هريرة، فقالت: أنت الذي تُحَدِّث أن امرأة عُذبت في هرة ربطتها إلخ؟ فقال:
سمعت منه -يعني: النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: هل تدري ما كانت المرأة؟ إن المرأة
مع ما فعلت كانت كافرة، وإن المؤمن أكرم على الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يعذبه في هرة،
فإذا حدثت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانظر كيف تحدث؟ "، رواه أحمد، قال
الحافظ الهيثميّ: رجاله رجال الصحيح.
وفيه تفخيم الذَّنْب، ولو صغيراً، وأن تعذيب الحيوان حرام، وأنه يُسَلَّط
يوم القيامة على ظالمه، وحِلُّ اتخاذ الهرّ ورباطها، بشرط إطعامها وسقيها،
والحق بها غيرها في معناها، وقول النوويّ: وإن نفقة الحيوان على مالكه نوزع
فيه، بأنه ليس في الخبر ما يقتضيه. انتهى ما كتبه المناويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?).
والحديث من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ- وقد مضى تخريجه، وتمام البحث فيه في
"كتاب قتل الحيّات" برقم [4/ 5841] (2243) فراجعه تستفد. وبالله تعالى التوفيق.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(38) - (بَابُ تَحْرِيمِ الْكِبْرِ)
قال الغزاليّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "الإحياء": (اعلم): أن الكِبْر ينقسم إلى باطن
وظاهر، فالباطن هو خُلُق في النفس، والظاهر هو أعمال تصدر عن الجوارح،
واسم الكبر بالخُلق الباطن أحقّ، وأما الأعمال فإنها ثمرات لذلك الخُلق،
وخُلق الكبر موجب للأعمال، ولذلك إذا ظهر على الجوارح يقال: تكبّر، وإذا
لم يظهر يقال: في نفسه كبر، فالأصل هو الخُلق الذي في النفس، وهو
الاسترواح، والركون إلى رؤية النفس فوق المتكئر عليه، فإن الكبر يستدعي
متكبَّراً عليه، ومتكبَّراً به، وبه ينفصل الكبر عن العجب، فإن العجب لا يستدعي
غير المعجَب، بل لو لم يُخلَق الإنسان إلا وحده تُصُوِّر أن يكون مُعْجَباً، ولا
يتصور أن يكون متكبراً إلا أن يكون مع غيره، وهو يرى نفسه فوق ذلك الغير في
صفات الكمال، فعند ذلك يكون متكبراً، ولا يكفي أن يستعظم نفسه ليكون