رجل أفضل من أبيك، وقال هشام بن حسان، عن ابن سيرين: كان عمر مُعْجَبًا
به، وكان من عَجَبه به كان يُسَمِّيه نَسِيج وحده، ويقال: إن عمر قال لأصحابه:
تَمَنَّوا، فتمنى كلّ رجل أمنية، فقال عمر: لكنني أتمنى أن يكون لي رجال مثل
عُمير أستعين بهم على أمور المسلمين، ويقال: إنه مات في خلافة عمر،
ويقال: في خلافة عثمان، وقيل غير ذلك، ومناقبه كثيرة، وقد تعقب ابن الأثير
قول من قال: إنه ابن أبي زيد القاريّ، بأن أنس بن مالك كان يقول في أبي
زيد: هو أحد عمومتي، وأنس من الخزرج، وعمير بن سعد هذا أوسيّ، فكيف
يكون ابنه؟ قال الحافظ: وهو تعقب جَيِّد. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي في قوله: "تعقّب جيّد" نظر، لماذا لا
يكون أنس تجوّز في قوله: "أحد عمومتي"، أو أن عمومته كانت من جهة
الرضاعة، فليُتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم.
وقوله: (عَلَى فِلَسْطِينَ) بكسر الفاء، وفتح اللام: هي بلاد بيت المقدس،
وما حولها، قاله النوويّ (?).
وقال المرتضى - رَحِمَهُ اللهُ -: فِلَسْطُونَ، و" لَسْطِينُ، وقد تُفْتَحُ فاؤُهما: كُورَةٌ
بالشَّامِ، في "نورِ النِّبْراس": هي: الرَّمْلَة، وغَزَّةُ، وبَيْتُ المَقْدِس، وما وَالَاها.
وفي "النِّهايَةِ": هي مَا بَيْنَ الأُرْدُنِّ، ودِيارِ مِصْرَ، وأُمُّ بِلادِها بَيْتُ المَقْدِس.
وفِلَسْطِينُ: قرية، وقيلَ: مدينةٌ بالعِراقِ. وفي "التَّهذيب": نُونُها زائِدَةٌ، وقالَ غيرُه:
بَلْ هي كَلِمَةٌ رُومِيَّةٌ، والعَرَبُ في إِعْرابِها عَلَى مَذْهَبَيْنِ، منهم مَنْ يَجْعَلُها بمَنْزِلَةِ
الجمعِ، ويجعَلُ إِعْرابَها في الحَرْفِ الَّذي قبلَ النُّونِ، تَقولُ في حالِ الرَّفْعِ بالواو:
هذه فِلَسْطونَ، وفي حالِ النَّصْبِ والجَرِّ بالياءِ، رأَيتُ فِلَسْطِينَ، ومَرَرْتُ بفَلَسْطينَ،
أَو تجعَلُها بمنْزِلَةِ ما لا يَنْصَرِفُ، وتُلْزِمُها الياءَ في كلِّ حالٍ، فتَقُول: هذه فِلَسْطِينُ،
ورَأَيْتُ فِلَسْطِينَ، ومَرَرْتُ بفِلَسْطِينَ، ومنهم من يَجْعلها بمنزلة الجمع، ويجعل
إِعرابها في الحرف الَّذي قبل النُّون، فيقول: هذه فِلسطونَ، ورَأَيْتُ فِلَسْطِين،
ومررت بفِلَسْطِينَ، والنُّونُ في كلِّ ذلِكَ مَفْتوحَةٌ، قالَ عَدِيُّ بنُ الرِّقاعِ [من الخفيف]: